السبت، 11 أكتوبر 2014

قضايا الإطار الموسيقي الجديد للقصيدة - الثانية باك-

قضايا الإطار الموسيقي الجديد للقصيدة
عزالدين اسماعيل
واحة اللغة العربية
ص ص 77 - 78
-------------------------


تمهيد :


عرفت القصيدة العربية الحديثة * تطورا نوعيا في أواسط القرن العشرين بتكسيرها للبنية العروضية للبيت الشعري التقليدي .. فقد تخلت القصيدة العربية عن نظام البيت المتساوي الشطرين وعوضته بنظام السطر المتفاوت الطول ، وتخلت عن نظام البحر وعوضته بنظام التفعيلة كما تخلت عن نظام القافية الموحدة والروي الموحد ..
وبهذا التحول تكون القصيدة العربية قد تخلت عن الإطار الموسيقي القديم الذي استقر منذ البدايات الأولى للشعر العربي وتبنت إطارا موسيقيا جديدا أفرز عدة قضايا وقسم النقاد حولها بين مؤيد لها ومعارض .
ومن بين النقاد والدارسين الذين اهتموا بقضايا الإطار الموسيقي الجديد للقصيدة العربية الحديثة نجد عز الدين اسماعيل الذي يعرضها علينا في هذا النص ..
فما هي هذه القضايا وما طريقة عرضها ؟


ملاحظة النص :


أول ما يمكن أن نلاحظه هو العنوان باعتباره العتبة الأولى للدخول إلى النص .. وهو يشي بالأفكار التالية :
- القصيدة العربية ذات إطار موسيقي جديد ، وهذا يعني أنها تخلت عن الإطار الموسيقي القديم ،
- الإطار الموسيقي الجديد يطرح عدة قضايا ، وهذا يعني أن التحول الذي عرفته القصيدة العربية لم يكن محل إجماع نقدي ،
- النص يطرح هذه القضايا ويعالجها ..
وثاني ما يمكن أن نلاحظه هو أن النص في سياق طرحه لقضايا الإطار الموسيقي الجديد للقصيدة إنما يسعى إلى كتابة تاريخ لموسيقى الشعر العربي .. وهذا ما تكشف عنه الفقرة الأولى حيث يتم تقسيم مسار تطور الشعر العربي موسيقيا إلى ثلاث مراحل ..
وثالث ما يمكن أن نلاحظه هو الخاصية الحجاجية للنص والتي تتمثل في محاولة تصحيح بعض التصورات الخاطئة عن القصيدة العربية وإنصافها ورفع الظلم عنها ..


فهم النص :


ينقسم النص إلى عدة فقرات على الشكل التالي :
الأولى تنتهي عند ‘‘ تفصيلا ’’ .
يقسم الكاتب مسار تطور موسيقى الشعر العربي إلى ثلاث مراحل هي :
مرحلة البيت الشعري ذي الشطرين المتوازيين عروضيا والذي ينتهي بقافية يشترك فيها مع باقي الأبيات الأخرى .. وفيه تتجلى كل المظاهر الجمالية لموسيقى الشعر العربي منذ بداياته ..
مرحلة السطر الشعري وهو نتيجة لتفتيت البنية العروضية للبيت التقليدي بحيث لم يستبق منها سوى التفعيلة التي ترد مفردة في السطر أو مكررة في أعداد غير منضبطة .
مرحلة الجملة الشعرية وهي متطورة عن مرحلة السطر الشعري ..
ثم يشير الكاتب إلى أن لكل مرحلة مشكلاتها الجمالية الخاصة والتي يعد بعرضها بالتفصيل ..
الثانية تنتهي عند ‘‘ العتيد ’’ .
يعرض الكاتب لجماليات موسيقى البيت التقليدي فينطلق من مسلمة هي أن النظام قوام الأعمال الفنية على اختلافها ، وأن لكل فن وسائله الخاصة لتحقيق هذا النظام ..
والنظام الموسيقي في القصيدة العربية قد تحدد في التزام عدد من القواعد الشكلية لضبط القوافي والأوزان .. وهذه القواعد هي المنظمة لموسيقى الشعر التقليدي ..
وقد كان من بين ما وجه إلى القصيدة العربية الحديثة من انتقادات هو انها كسرت ذلك النظام وتورطت في الفوضى .
الثالثة تنتهي عند ‘‘ عليه ’’ .
يقر الكاتب بأن القصيدة الحديثة تقوم بدورها على نظام يبرئها من التورط في الفوضى .. كما يشير إلى ان نظامها داخلي في مجمله لأنه ينتمي إليها ونابع منها وليس شيئا خارجيا مفروضا عليها ..
الرابعة تنتهي عند ‘‘ وهو نظام التفعيلة ’’ .
فيها يعرض الكاتب جماليات موسيقى السطر الشعري ..فيعرفه بكونه تركيبة موسيقية للكلام لا ترتبط بأي شكل خارجي ثابت بل تتخذ الشكل الذي يرى الشاعر أنه يرتاح إليه ويعتقد أن القارئ يرتاح إليه بدوره .. والسطر الشعري ناتج عن تفتيت البنية العروضية للبيت التقليدي حيث لم يستبق منها سوى الوحدة الأساسية فيها وهي التفعيلة يفردها الشاعر في سطر ويكررها في آخر .. والفرق بين السطر الشعري والبيت التقليدي هو أن هذا الأخير له طول ثابت لأن عدد التفعيلات فيه لا يتغير من بيت إلى آخر عكس السطر الشطري الذي يتغير طوله بتغير عدد التفعيلات من سطر إلى آخر ..
الخامسة تنتهي عند ‘‘ من القصيدة ’’ .
فيها يعرض الكاتب جماليات موسيقى الجملة الشعرية فيقرر بأنها الصورة المتطورة عن مرحلة السطر الشعري .. فإذا كان هذا الأخير بنية موسيقية تشغل سطرا قد يقوم على تسع تفعيلات كحد أقصى ، وإذا كان مكتفيا بذاته ، فإن الجملة الشعرية بدورها بنية موسيقة مكتفية بذاتها غير أنها قد تمتد لتشغل خمسة أسطر أو أكثر ..
ويشير الكاتب في نهاية هذه الفقرة إلى نيته في التوقف عند ما يسميه اعتبارات امتداد الجملة الشعرية ..
السادسة تنتهي عند ‘‘ لهذه الدفقة ’’ .
يذكر الكاتب بأن الدفقة الشعورية المعبر عنها قد تطول وتمتد حتى ليعجز البيت التقليدي المحدود الطول عن استيعابها كما لا يستطيع السطر الشعري ذلك مهما امتد وطال لأن أقصى حد لتفعيلاته هو تسع تفعيلات .
ويذكر أيضا بالمأزق الذي عاناه الشاعر التقليدي مع البيت التقليدي المحدود الطول بحيث أن هذا الشاعر كان مضطرا لتمزيق الدفقة الشعورة وتقسيمها على عدة أبيات وهذا ما كان يمنع من أن تفوز الدفقة الشعورية بالشكل الموسيقى المناسب لها ..
السابعة تنتهي عند ‘‘ بالجملة الشعرية ’’ .
ينطلق الكاتب من مسلمة هي أن التعبير ( الشكل ) ملك للشعور ( المحتوى = المضمون ) وتابع له .. وعليه فالدفقة الشعورية يجب أن تحظى بالصورة الموسيقية الملائمة لها .. فإن امتدت الدفقة امتدت الصورة الموسيقية .. ومن هنا كان الخروج إلى مرحلة السطر الشعري وسيلة فعالة لحل مشكلة الدفقة الشعورية القصيرة أو المتوسطة ؛ لكنها لم تحل مشكلة الدفقة الشعورية الممتدة مهما بلغ السطر من الطول .. وبما أن الدفقة تمتد أحيانا فتبلغ حدا لا يستطيع السطر استيعابه فقد كان لا بد من الخروج من مرحلة السطر إلى مرحلة الجملة الشعرية .
-----

هناك تعليق واحد: