الثلاثاء، 3 مارس 2015

مسرحية الكنز

الموضوع:الكنز        
          تأطير النص: أجمع الباحثون أ ن ميلاد المسرح العربي الحديث كان عام 1847 م على يد اللبناني مارون النقاش ومن أهم العوامل التي ساهمت في ظهوره عوامل اجتماعية وسياسية وأدبية وفنية ثم اللقاء بالغرب  . وهكذا عكف المسرحيون العرب منذ الربعالثاني من القرن العشرين على تطوير فن


 المسرح وإتقانه تأليفا وأداء والهدف من ذلك كتابة نصوص مسرحية ذات بناء درامي قابلا للقراءة والعرض وتتألف عناصر العمل المسرحي من الحدث –الشخصية-الصراع-الحوار-أما البناء المسرحي فهو الذي يقوم على مبادئ محددة أطلق عليها النقاد والباحثون بالوحدات الثلاث وحدة الزمان ووحدة المكان ووحدة الموضوع ومن أهم أنواع المسرح النثري المسرح الذهني والتعبيري ومسرح العبث ثم المسرح التسجيلي الوثائقي ومن أهم المؤلفين للنص المسرحي  عبدا لكريم برشيد ومحمود تيمور ومراد السباعي ثم توفيق الحكيم تنوع إنتاجه المسرحي بين ما هو ذهني وما هو اجتماعي  ومن مؤلفاته سليمان الحكيم أهل الكهف ثم مسرحيته الكنز المقتطفة من مؤسسات عبدا لكريم بن عبدا لله ص321 بتصرف وهو عنوان يحيلنا إلى معنين الأول مادي أي ما يدل على مال أو ذهب والمعنى الثاني معنوي كل ما يتصف به الإنسان من قيم وصفات وانطلاقا من هذه المشيرات فان فرضية النص تجسد بعدا رمزيا يتمثل في ذرية وهو عبارة عن رسالة اجتماعية تعكس واقع المجتمعات العربية حيث يندرج ضمن المسرح الاجتماعي ....فما موضوع المسرحية؟ وما الوسائل  التي توسل بها الكاتب لتشخيصه؟ وما مقصد يته من ذلك؟ 
      مهارة الفهم  :ينقسم النص إلى أربع مشاهد المشهد الأول :تقدم الخطيب لخطبة  ذرية من الأب وإلام رغم رفض ذرية وإصرار الوالد باعتباره للخطيب كنزا بفعل غنى هذا الأخير المشد الثاني :دخول الساحر كعامل جديد في المسرحية مع الاحتفاظ بالشخصيات الأساسية في المشهد المشهد الثالث: شرح الساحر للشخصيات الثلاث الأب والام ثم الخطيب بوجود كنز في البيت والتعريف بنفسه ليظهر مراد ذكاء خارقا لاستعماله للحيلة هدفه في ذلك انفراده بذرية  المشهد الرابع:كشف مراد وذرية عن الكنز الحقيقي الذي هو بملك محمود –الأب-وعدم تفهم هذا الأخير مضمون ما قام به مراد عكس إلام التي اختتمت المشهد باستخلاص العبرة التي أراد من خلالها الكاتب تسريب فكرته للمتفرج أو القارئ ، على العموم ا ن المسرحية تدور حول صاحب البيت محمود وزوجته وخطيب ابنتهما ذرية ،وهو من الأثرياء،جاء لزيارتهم ويجلس إلى الخطيبة ،بينما هي ترفض الارتباط
القراءة التحليلية:القوى الفاعلة:تعتبر الشخصيات قوى فاعلة في كل نص مسرحي فالشخصيات هي التي من خلالها نصل إلى مضمون النص ،وكل شخصية تختلف عن الأخرى حسب المهام المنوطة لها .  الأب :يمثل الجشع والطمع وإرادته في امتلاك كل شيء –إلام:تمثل الصبر المتفهمة لظروف ابنتها           -الخطيب:الغني الذي يتدخل في كل شيء يمثل الحسد والغيرة –مراد أ و الساحر:الإنسان النموذجي صاحب الحيلة والذكاء والمتشبث بحبه لذرية –الخادم:شخصية ثانوية وهو رسول الإحداث –ذرية:وهي عامل الموضوع والشخصية الرئيسية تمثل الفتاة الناضجة .
    فالبنية العاملية في هذا النص تميزت بالتنامي والتطور وذلك من خلال تباين الرغبات والتي تتجسد في العامل المساعد أي الخطيب والأب والعامل المعارض الفتاة ومراد من هنا نشأ صراع درامي بين الشخصيات وخاصة بين الخطيب ومراد إلى إن ظهرت مرحلة أخرى تزول فيها العقدة وهي مرحلة تفسخ البنية الحل حيث استسلم الخطيب للامر الواقع  
القيم والأنساق الفكرية:من خلال الشخصيات الموظفة في هذا النص نجدها تحمل قيما تعبر عن واقع المجتمع بكل ايجابياته وسلبياته وما تحمله من رموز ودلالات  ينتقدها الكاتب بتوظيف شخصيات إنسانية ذات ادوار محددة وسلوكات وعلاقات وموضوعات وكل هذه العلامات ينبثق مظهر للحياة اليومية
الصراع الدرامي:إن مظاهر الصراع الاجتماعي والنفسي  بين مختلف القوى الفاعلة أثرت سلبا على الخطيب الأول بعد ظهور مراد وانتصاره عليه بفضل الإيمان والصدق والكرامة وهي ميزة الإنسان الشريف ويعتبر بمثابة الكنز الأكبر وهذا ما أراد الكاتب توضيحه وإبرازه من خلال الدور الوظيفي الذي جسدته مختلف البنيات العاملية ،منذ ظهورها إلى تفسخها ،هو إضاءة نمطين من النماذج العاملية ومن القيم والأنساق الفكرية أي إقناع المتلقي بانتصار الفضيلة على الرذيلة .
الحوار:اتسم حوار القوىالفاعلة بسمات متنوعة تراوحت بين الجدي –الأب- والساخر –الخطيب- والهزلي –مراد- والمتسلط –الخطيب-  وقد قام مراد بأعمال وتصرفات لائقة لإخراج الفتاة من مشاكل كانت ستتسبب في تعاستها.  
    تفاعل الزمان والمكان:جرت الأحداث في لحظة زمنية محددة هي زمن الخطبة ويتضح ذلك في كل قوة فاعلة كما هو الشأن شخصية محمود والخطيب يمثلان الزمن الواقعي واقع الحياة الاجتماعية أخذ وعطاء ثم شخصية ذرية ومرا د يمثلان الزمن النفسي روح الكرامة وحب الآخر وهكذا ا ن التفاعل بين الزمان والمكان في هذه المسرحية قد ولد صورة متناقضةللقوى الفاعلة خاصة بين الأب والام ويتجسد لنا ذلك في طهارة الأم من الدخائس والحيل مقابل طمع الاب في الكنز وحبه للمصلحة الخاصة عوض العامة  
  الخطاطة السردية:وضعية البداية : مشهد يمثل صاحب البيت محمود وزوجته ،الخطيب وهو الرجل الغني ،ذرية الفتاة الواعية ،الساحر شخصية مرا د في هذه الوضعية لحظة الشروع في زمن الخطبة 
             العنصر المخل : هو ظهور الساحر مراد الذي أتى ليبين شخصيته كعنصر مثقف له دراية بالحب والصدق  وضعية الوسط :وهي الفتاة ذرية الواعية التي اختارت فارس أحلامها   
      عنصر الانفراج: وهو الاب الذي يريد أن يشاهد ابنته سعيدة وموفقة في حياتها
      وضعية النهاية: إنها نهاية سعيدة تعيد التوازن من جديد بالنسبة للشخصية الرئيسية ذرية                      فالبعد الوظيفي لوضعية البداية هنا  هو استهلال ثابت يؤثث الفضاء أو الديكور بوصف يقدم قبل ولوج الحدث الرئيس   ووظيفته كذلك إقناع القارئ لقبول عالم القص السردي وذلك عن طريق الإيهام الواقعي اما وظيفة النهاية تتحدد في إضاءة الوضع المزري لنوع من النماذج الاجتماعية بهدف انتقاده والاحتجاج عليه اما العلاقة بين البداية والنهاية فهي علاقة تعارض  الابتداء بخلل والانتهاء بتوازن . 
      الإرشادات :تأثث فضاء المسرحية بمجموعة من الإرشادات مثل المخرج وصف مشهد للممثلين جالسين  في قاعة شاي داخل البيت كما رسمت المعالم الكبرى للشخصيات –الممثلين-الاب –الأم- الخطيب – مراد ثم ذرية وقدمت الهيات والسلوكات والحركات على نحو ما تؤكده هذه الاستشهادات :للخطيب وهو ينهض-يفحصه بنظر-يخرج بسرعة-يتلفت-يرفع رأسه- فاهمية هذه الإرشادات بالنسبة لقارئ النص المسرحي تساعده على ا إيقاظ مقدرته على القياس وتا مل الواقع الذي تعالجه المسرحية ويحمله على أخذ موقف عقلاني من القضايا التي يواجهها في النص وخارجه لما بينهما من واقع فكري .   
التركيب والتقويم : هكذا يكون هذا  النص المسرحي قد استهدف الدفاع عن المسرح ودوره التوجيهي والتثقيفي والفني مجسدا أبعادا وقيما انتقاديه بطريقة جدية ،ومن ثم فان للنص قيمة تربوية تعليمية تبين أن الفن لا يقدم فرجة ،بل يقدم فائدة كذلك كما أن له قيمة جمالية ،لأنه وظف آليات الخطاب المسرحي بما تتطلبه من وضعيات حوارية وسياق درامي وصراع وإرشادات مسرحية.