السبت، 11 أكتوبر 2014

القراءة التوجيهية -تتمة-ثانية باك


ج
القسم الثاني ( نحو شكل جديد) .

 

1 - تقديم للحديث عن الشكل الشعري الجديد بالتأكيد على ما يلي :
- ’’ تطور القصيدة العربية لم يكن تطورا منفصلا ، يتفاوت السعي فيه بين شكل القصيدة ومضمونها ‘‘ ،
- إدراك الشاعر الوجداني أن ’’ كل تجربة جديدة لا تعبر عنها إلا لغة تستوحي صيغها التعبيرية ، وصورها البيانية ، وإيقاعاتها الموسيقية من التجربة نفسها ‘‘ ،
- من هنا كان التوسل بأشكال تختلف عن المألوف في الشعر الإحيائي ..
2 - تعداد للمكاسب التي حققها تطور الشكل الشعري الرومانسي وتجدده :
- على مستوى اللغة :
- أصبحت لغة القصيدة الوجدانية ’’ أقل صلابة من لغة القصيدة الإحيائية ، وأكثر سهولة ويسرا ‘‘( استشهاد على صلابة اللغة الإحيائية بأبيات للبارودي )..
- اعتبار المعداوي سهولة التعبير – رغم كونها ليست قصرا على التيارات الوجدانية وحدها - إحدى خصائص الشكل في القصيدة الوجدانية الحديثة ..
- توضيح معنى السهولة بكونه الاقتراب من لغة الحديث اليومي المألوف دون ان يكون ذلك ناتجا عن فقر لغوي لدى الشعراء بدليل أن العقاد اختار لغة الحديث اليومي ..ويستشهد على ذلك بأيات للعقاد واخرى لأبي ماضي ..
- على مستوى الصورة البيانية :
- الصورة عند الشاعر الوجداني ’’ أداة يتوسل بها للتعبير عما تعجز عنه الأساليب المباشرة ، وليست زخارف وأصباغا .‘‘ بهذا تختلف عن الصورة الإحيائية التي ظلت ’’ مستقلة استقلالا تاما عن مشاعر الشاعر وإحساساته ، مرتبطة ارتباطا وثيقا بذاكرته ‘‘ .. ويستدل المعداوي على سلطة الذاكرة الشعرية وحضورها القوي بأبيات لشوقي استعار فيها صورا لذي الرمة دالة على الضيق والحيرة والقلق ليعبر بها عن حالة اللهو والمرح ، مذكرا بأن هذه الصور تتناغم مع الجو النفسي لذي الرمة ولا تتناغم مع الجو النفسي الذي أراد شوقي التعبير عنه .. يستشهد كذلك على التصاق الصور البيانية بذات الشاعر وتعبيرها عن وجدانه بأبيات لابراهيم ناجة من قصيدة الوداع .. ويخلص إلى أن الشاعر الوجداني أراد ’’ أن يجعل للصورة وظيفة أساسية ، وأن تكون هذه الوظيفة نابعة من تجربته الذاتية ‘‘ وهذه الوظيفة تتكامل مع وظائف بقية العناصر الشعرية الأخرى من ’’ أفكار وعواطف وأحاسيس ‘‘ .
- على مستوى البنية :
من خلال ربط الشاعر الوجداني بين صوره وبين ذاته في أبعادها الوجدانية ، ومن خلال ربط الصور بباقي العناصر الشعرية الأخرى ، أنشأ هذا الشاعر خاصية جديدة للقصيدة العربية وهي الوحدة العضوية .. ( 1 )
- على مستوى القافية :
· ربط الشاعر الوجداني ’’ القافية بالأفكار والعواطف الجزئية ، لا بموضوع القصيدة بوصفها كلا موحدا .. ذلك أن الفكار والعواطف قد تتبدل وتتلون وتتناقض حسب وظيفتها الجزئية ، وحسب مكانها من هيكل القصيدة . فلا ضرورة حينئذ لبقاءالقافية على صورة واحدة من أول بيت حتى آخر بيت ، لا بل من المناسب تغييرها بما يناسب التبدل الطارئ على الأفكار والعواطف ‘‘ ،
· نظم الشاعر الوجداني قصائد ’ ذات موضوع واحد ، وقواف متعددة ، وأوزان مختلفة .. ( الاستشهاد بأبيات لأبي ماضي من قصيدة المجنون ) .
3تعليل سر انحصار التجديد في الشعر الرومانسي ..
- الانحصار ناتج عن الحملة التي شنها النقد المحافظ بسبب استهداف الشعراء تجديد اللغة والأوزان والقوافي والصور البيانية ..
- عدم اقتصار هذه الحملة على النقاد المحافظين كمصطفى صادق الرافعي بل تعدتها إلى نقاد عرفوا بدعوتهم إلى التجديد مثل عباس محمود العقاد وطه حسين ..
- انكار النقد المحافظ للتنويع في القوافي ( كان العقاد متحمسا سنة 1913 للشعر المرسل لكنه في سنة 1944 تنكر له ) ..
4 - ختام الحديث عن الشكل الشعري الجديد :
* التذكير بالمضمون الذي سقط إلى مستوى ’’ البكاء والأنين والتفجع والشكوى ، وهي معان ممعنة في الضعف ، تفصح عن ما وراءها من مرض وتهافت وخذلان ‘‘ ..
* العودة إلى تعليل فشل الشكل الشعري في التبلور والنضج الاكتمال بحملة النقد المحافظ الذي كان يستمد وجوده من الوجود العربي التقليدي ،
* مع زوال القداسة عن الوجود العربي التقليدي أصبحت الأجواء مواتية لظهور تجربة شعرية جديدة بمضمون جديد وشكل شعري جديد وهي حركة الشعر الحديث التي تزامن ظهورها مع نكبة فلسطين سنة 1948 .

 

( 1 ) : عبر الناقد والشاعر الانجليزي كولريدج عن الوحدة العضوية بقوله :
ليست الصور وحدها مهما بلغ جمالها ومهما كانت مطابقتها للواقع ومهما عبر عنها الشاعر بدقة ، هي الشيء الوحيد الذي يميز الشاعر الصادق ، وإنما تصبح الصور معيارا للعبقرية الأصيلة حين تشكلها عاطفة سائدة أو مجموعة من الأفكار والصور المترابطة أثارتها عاطفة سائدة ، وحينما تتحول فيها الكثرة إلى الوحدة ، والتتالي إلى لحظة واحدة ، وحينما يضفي عليها الشاعر من روحه حياة إنسانية وفكرية .

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق