الثلاثاء، 7 أكتوبر 2014

لي في من مضى مثل(1-)2 باك ادب-


لي في من مضى مثل ( 1 )



محمود سامي البارودي



واحة اللغة العربية ، السنة الثانية من سلك الباكالوريا



مسلكا الأداب والعلوم الإنسانية



ص 24



تمهيد ( وضع النص في سياقه التاريخي والفني ) :


من خلال العنوان الذي يحيل على التشبث بالماضي واتخاذه عبرة ودرسا ، ومن خلال تصريع البيت الأول ووحدة الروي ، نستطيع أن ندرج النص ضمن خطاب حركة إحياء النموذج .. وهي حركة ظهرت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ، بعد ما يناهز ستة قرون من الانحطاط ، وحملت شعار تخليصالشعر العربي من رواسبه بالعودة إلى احتذاء النموذج الشعري القديم في أبهى صوره الجاهلية والعباسية .. ويعتبر البارودي من أهم رواد هذه الحركة حيث يجمع النقاد والدارسون المنتصرون للقديم على أنه باعث الشعر من مرقده ( قبره ) ، وأنه معيد الديباجة ( الصورة القديمة ) إليه .. وقد نظم البارودي في مختلف الأغراض الشعرية الموروثة ومنها شعر الحماسة الذي يمكن ان نؤطر النص داخله ..
فما هي مضامين النص ؟ وما هي أدواته التعبيرية ؟ وإلى أي حد يجسد خصائص خطاب البعث والإحياء ؟ 

ملاحظة النص ( التغريض ) :


إحالة العنوان على كون الذات المتكلمة ( البارودي ) تتخذ من
الماضي عبرة ودرسا ، وهذا أول مؤشر على ارتباطها بالقديم ، 
الافتتاح بالغزل وغياب الوحدة الموضوعية ،
اعتماد نظام الشطرين المتساويين ،
اعتماد الإطار الموسيقي التقليدي : وحدة الوزن( الطويل ) ووحدة
القافية ووحدة الروي ، مع تصريع البيت الأول ،
اعتماد وحدات معجمية من اللغة الشعرية التراثية ..
هذه الملاحظات تؤكد أن الشاعر قد تبنى الشكل الشعري القديم للتعبير عن تجربته ، فما هي مضامين النص ؟


فهم النص :


ينقسم النص إلى أربع وحدات على الشكل التالي :
ا – ( 1 – 4 ) : مقدمة عاطفية .
تعكس صراعا نفسيا يعانيه الشاعر بين الرغبة في الاستجابة للنفس الآمرة بالباطل ( اللهو كما في الصبا ) وبين الرغبة في التزام الوقار بعد شيب اللمة .. والشاعر لعجزه بالتزام وقاره يلقي باللوم على القضاء والقدر متخذا من الشعراء الذين مضوا قبله عزاء وعبرة .
ب – ( 5 – 14 ) : حماسة .
حين تشتد رغبة الشاعر في اللهو ينصرف إلى ساحة الوغى يركب حصانا أشقر بثلاث قوائم يشوبها بياض كالذي يحف بجانبيه ، له حوافر رزقاء ونواظر سوداء وشفاه خضراء ، ويحمل سيفا صقيلا لامعا كأنه شعلة تراقص الريح ، سريع الفتك بالأعداء قاطعا للحديد .. 
ج – ( 14 – 18 ) : رحلة صيد .
يستحضر الشاعر رحلة صيد قام بها رفقة رفاق يأتمرون بأمره غداة هطول المطر ، وكيف نالوا مبتغاهم وتلذذوا بصيدهم في جو ساده الانسجام ..
د – ( 19 – 23 ) : نصح وحكمة .
يقرر الشاعر أن خوض المعارك والخروج إلى الصيد هو نمط العيش الصحيح لا ما يدعيه الكاذبون .. وينصح بحرص المرء على استقلالية قراراته وخياراته ، وبحسن اختيار مناسبات عمله مختتما بالتأكيد على أن هذا هو الأدب المأثور الذي ينبغي أن يؤخذ به ..
الملاحظ هو تنوع مضامين النص جريا على عادة القدماء ..
بالنسبة إلى المقدمة العاطفية فقد دأب الشعراء الجاهليون على افتتاح قصائدهم بها .. والفرق بين البارودي وبينهم هو أنه لم يقف عند الأطلال وإن استغل هذه المقدمة للولوج إلى الموضوع الرئيس الذي هو الحماسة ووصف المعركة ..
بالنسبة إلى وحدة الحماسة فهي الغرض الرئيس .. وفيها تحضر المبالغة بقوة حين يستعيد الشاعر الصورة المثالية للفارس الذي لا يقهر ، والسيف الذي لا يفل ، والفرس الذي لايكل .. والملاحظ هو تجنب الشاعر ذكر الأدوات الحربية التي خاض بها معاركه كالبنادق والمدافع مكتفيا بذكر السيف والفرس ..
بالنسبة إلى الوحدة الأخيرة فهي تأتي ملازمة للثانية لأن الفارس دائما يخرج للصيد إذا لم يخرج للحرب .. وهي كسابقتها حافلة بالمبالغة التي ترسم صورة رحلة الصيد المثالية ..
أما بالنسبة إلى الأخيرة في تسعى إلى تبرير اختيار الشاعر الحرب والصيد على اللهو والغزل .. وهي تكشف عن النزعة الأخلاقية التعليمية التي اضطلع بها شعر إحياء النموذج ..
من خلال هذا يتضح المضمون الشعري في النص والذي ينهل من المضمون الشعري القديم ..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق