السبت، 11 أكتوبر 2014

الشعر الرومانسي(2)_ثانية باك_

الشعر الرومانسي ،
ع المحسن طه بدر ،
واحة اللغة العربية ،
السنة الثانية آداب عصرية وعلوم إنسانية ،
ص ، ص 45 ، 46


التحليل
1 – الإشكالية :
يعرض الكاتب لإنجازات القصيدة الوجدانية وإخفاقاتها معللا قدرة المدرسة الرومانسية على التجديد بمدى ارتباطها بالثقافة الأوروبية ..

وبهذا يمكننا أن نصوغ الإشكالية التي يطرحها النص على الشكل التالي :

ماهو السبيل إلى تجديد الشعر العربي ؟

أطروحة المدرسة الرومانسية ترى أن تجديد الشعر العربي رهين بتخليصه من الخضوع إلى سلطة القديم وبتبني الشعر الغربي ..

وهنا يصبح التجديد مرادفا للثورة على القديم ولتبني الشعر الغربي والنسج على منواله ..

وهذا بدوره يطرح أكثر من سؤال :

هل كلما ابتعد الشعراء عن القديم وقطعوا صلتهم به كلما كان هناك تجديد ؟

الجواب طبعا بالنفي لأن التجديد لا يعني بالضرورة قطع الصلة مع الماضي ، لأن ذلك يعني الانطلاق من الصفر وهذا غير ممكن .. والذي يدل على هذا هو فشل المدرسة الرومانسية في تخطي القديم الجاهز ..

هل التجديد مرهون باحتضان الشعر الغربي والنسج على منواله ؟

بالطبع لا ، لأن التجديد هنا يصبح ضربا من التقليد لهذا الشعر وهذا ما حدث فعلا ..

الخلاصة من موقف المدرسة الرومانسية من التراث الشعري العربي ومن الشعر الغربي هي أنها تبنت مشروعا لم تكن قادرة على إنجازه فكانت أزمتها في عدم التساوق بين الإرادة وبين القدرة : بين ما آمنوا به وسعوا إلى تحقيقه وبين ما أنجزوه ..

أما أطروحة الكاتب فهي ترى أنه كلما كان هناك ارتباط بالثقافة الأوروبية كلما ظهرت حركة تجديدية .. بمعنى أنه كلما كان هناك اتصال بثقافة أجنبية كلما كان هناك تجديد .

الأطروحة تتناغم مع أطروحة المعداوي في ظاهرة الشعر الحديث والذي يرى أن مسار تجديد الشعر العربي ظل محكوما بعدة عوامل أهمها توفر هامش من الحرية والاحتكاك بالثقافات والآداب الأجنبية .. ولعل وجه الاختلاف بين الأطروحتين يكمن في إسقاط أطروحة النص لعامل الحرية بحيث تدعي أن عدم جسارة مطالبة الشعراء الرومانسيين بحريتهم وعدم استعدادهم للدفاع عنها كان أحد أسباب فشل مشروعها ..

عن هذه الإشكالية تتفرع قضية جوهرية تتمثل في ترادف التجديد والتقليد في القاموس النظري الرومانسي .. فالتجديد بالنسبة إلى المدرسة الرومانسية يعني تقليد الشعر الغربي وهنا تكون قد استبدلت النموذج الشعري العربي بالنموذج الشعري الغربي فلم تخرج من دائرة التقليد ..

2- المفاهيم :
وظف الكاتب مجموعة مفاهيم – سمات في معرض تقويمه للشعر الرومانسي .. من هذه المفاهيم ما هو متصل بالشعر الرومانسي ومنها ما هو متصل بالشعر الإحيائي ..

سمات الشعر الإحيائي :

- الدعاية للقوى السياسية والاجتماعية المتصارعة

- إلغاء ذات الشاعر وتهميشها ..

- الخضوع إلى النموذج الشعري العربي القديم واحتذاؤه

- عدم الانفتاح على الثقافة والشعر الغربيين ..

سمات الشعر الرومانسي :

- رفض الدعاية للقوى الخارجية

- تحرير ذات الشاعر من خضوعها إلى هذه القوى وجعلها مصدرا وحيدا للشعر
..
- محاولة التخلص من سلطة النموذج الشعري القديم

- محاولة تبني الشعر الغربي ..

- الفشل في تجاوز القديم وفي تبني الشعر الغربي ..

يبدو من خلل هذه السمات أن الشعر الرومانسي يختلف عن الشعر الإحيائي ويتقاطع معه في آن .. فهما يختلفان في :

خضوع الشاعر الإحيائي للقوى الخارجية وتهميشه لذاته ، مقابل تمرد الرومانسي على هذه القوى ورده الاعتبار لذاته بما هي المصدر الوحيد لشعره ..

انغلاق الشعر الإحيائي وتقوقعه داخل النموذج الشعري القديم وعدم انفتاحه على الغرب ، مقابل محاولة تبني الشعر الرومانسي للشعر الغربي ..

وهما يتقاطعان في كون كل منهما ظل مرتبطا بالقديم رغم اقتناع الشعر الإحيائي بمحاكاة النموذج القديم وعدم اقتناع الشعر الرومانسي بذلك ..

من خلل التقاطع نستطيع بأن التجربة الرومانسية لم تحدث قطيعة مع الشكل الشعري العربي القديم وهذا ما يعني أنها لم تذهب بالتجديد بعيدا ليبلغ مداه ....

3- الإطار المرجعي :
تحكمت في الشعر الرومانسي مجموعة من الأطر المرجعية اهمها :

- القيم البورجوازية :

آمن الشعراء الرومانسيون بقيمة الحرية بحكم انتمائهم إلى الطبقة البورجوازية المتوسطة كعامل أساسي في إثبات الذات ورد الاعتبار إليها .. لكنهم لم يكونوا قادرين على الدفاع عن مطلبهم ولم يكونوا مستعدين للتضحية من أجل تحقيقه ..

- علم الاجتماع الأدبي :

يرى الشعراء الرومانسيون بأن حياتهم تختلف عن حياة الشعراء القدامى وعليه فشعرهم ينبغي أن يكون مختلفا عن القديم ..

فبما أن الحياة تتغير فإن أشكال التعبير عنها أيضا تتغير ..( سوسيولوجية الشكل ) ..

- الفلسفة المثالية : يبدو ذلك واضحا من خلل تركيز الشعر الرومانسي على المطلق وأعلى المثل بدل التعبير عن تجربة متعينة ومعيشة ..

- الوجودية :

حضورها واضح من خلل اعتبار ذات الفرد ( الشاعر ) مصدرا للقول الشعري ومنبعا لفهم الحياة ( الوجود ) وواضح أيضا من خلل مبدإ حرية الفرد واستقلاليته ..

4 - طرائق العرض :
- التعريف : النص كله تعريف بالشعر الرومانسي من حيث أبرز رواده ومن حيث إنجازاته وإخفاقاته ..

- التمثيل : الاكتفاء بذكر بعض أعلام الشعر الرومانسي بدل ذكر كل الأسماء الشعرية الرومانسية ..

- المقارنة : يقارن الكاتب بين الشعر الإحيائي وبين الشعر الرومانسي وبين المدارس الرومانسية ذاتها من حيث ادعاء التجديد ( الديوان ) ومن حيث ممارسته ( الرابطة القلمية ) ..

- الاستشهاد : يستشهد الكاتب لتوضيح دعوة الرومانسين إلى ربط الشعر بذات الشاعر بقول لميخائيل نعيمة وببيت لعلي محمود طه ..

- التوضيح : يوضح الكاتب بأن تغير الموضوع في الشعر الرومانسي لا يعني تغير كل شيء ما دام الشعراء قد حافظوا على نفس العلاقة التي أقامها الشاعر العربي القديم بين الرجل وبين المرأة ..

- الاستنباط : انطلق الكاتب من حديث عام عن الشعر الرومانسي إلى جرد إنجازاته وإخفاقاته ..


التركيب :


يبدو أن النص يعرف بالشعر الرومانسي لكنه يتجاوز ذلك إلى محاولة وضعه في الميزان وتقويمه والحكم عليه انطلاقا من إنجازاته وإخفاقاته معللا محاولة التجديد لدي الرومانسيين بمدى الارتباط الثقافي بالغرب ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق