السبت، 11 أكتوبر 2014

وجه التاسي -تحليل ثاني- ثانية باك

تحليل لبعض جوانب النص
1.مؤشرات القراءة
.1 الشاعر
يمثل أحمد شوقى المرحلة الثانية فى احياء النموذج وهى المرحلة التى يطلق عليها النقاد الكلاسيكية الجديدة بحكم أن الشاعر انفتح على الجديد لغة ومضمونا مع حفاظه على شكل القصيدة الكلاسيكية ،عاش ثلاث مراحل في حياته وفى تجربته مرحلة البلاط حيث غلبت عليه الاغراض التقليدية ومرحلة النفى غلبت عليه المواضيع الذاتية وما بعد النفي غلبت عليه المواضيع الوطنية والسياسية فبرع في الشعر الوطني والاجتماعي ،الشعر المسرحى ،وشعر الاطفال ،والشعر على لسان الحيوان الدى تاثر فيه بكتاب كليلة ودمنة لابن المقفع.

 2عنوان النص
كغيره من شعراء البعث والاحياء،لم يضع الشاعر عنوانا للقصيدة وانما سياقه البيت الأخير من النص ،ويدل على الحزن والأسى ،وفى علاقته بالبيت يمثل جزءا من حكمة يعبر فيها شوقى عن وطاة الماضى وقدرته على استحضار الحزن والاسى .انطلاقا من دلالات العنوان فى علاقته بالبيت نرجح ان يحضر الماضى بقوة وما ينتج عنه من احساس بالحزن والاسى .
.3قراءة البيت 1.4.10.19
اول ما نلاحظه اختلاف مضامين
هذه الأبيات إذ يدل البيت الاول على معنى عاطفى والبيت الرابع على معنى الحنين والشوق والبيت العاشر على تذكر ماضي الحضارة الإسلامية في الأندلس والبيت 19 يدل غلى الحكمة .ان تعدد المعانى واختلافها يدل على تعدد اغراض القصيدة وهذا يعنى أن الشاعر سيسير فى قصيدته على نهج القدامى ويعتمد بناء تقليديا محضا خاصيته تعدد الاغراض لكننا نرجح أن يكون غرض (رثاء المدن)و (الممالك) غرضا رئيسيا وبالتالى ننتظر أن تهيمن أجواء الحزن واسترجاع التاريخ على هذه القصيدة .
2مرحلة الفهم
المحتوى
يحضر الماضى مرة اخرى فى هذه القصيدة ،ويظهر الشاعر منذ البداية مشدودا بلحظة الصبا لكن الذاكرة تخونه ولا يستطيعا استرجاع كل ما مضى فيطلب من مرافقيه ان يذكراه بالماضي الذي مر بسرعة كالصبا اللعوب ،إن نسيان هذه اللحظة الجميلة يرجع إلى وطأة الهموم على الشاعر إذ يعيش حالة اليأس وما ينتج عنها من احساسات بالغربة والحنين فيصرح بذلك حين يعبر عن مدى حبه لوطنه ،وأعلى درجات التعبير عن الحب تبلغ حين يقول
وطنى لو شغلت بالخلد عنه نازعتنى إليه في الخلد نفسي
عبر شوقي عن حب مثالى كما ذكر معاناته الطويلة إلى درجة أن صورة الوطن لم تغب ولو لحظة واحدة عن جفونه لكن سرعان ما يتضح لنا ان الغربة اصبحت مركبة والحنين كذلك حينما يضغط الماضى بحمولته التاريخية على كاهل الشاعر .ولا غرابة فى ذلك إذا علمنا أن شوقي نفى إلى الأندلس رمز المجد الإسلامي ولعل نفسية الشاعر المضطربة كانت وراء السؤال الاستنكارى الذي يفيد النفي ويدل على التحسر ،حيث يدرك أن الحضارة العربية الاسلامية قد انتهت وفى هذه اللحظة يتحول شوقي إلى شاعر أندلسي يرثى المدن والممالك الضائعة ويبحث عن اسباب هذا لانهيار ،إذ يرى ان شمس الأندلس أصابها المرض بل ماتت والقي بها فى قبر للدلالة على استحالة قيام هذه الحضارة من جديد ولم يفت الشاعر الحديث عن طبيعة الاندلس الخلابة
إن تجربة شوقي بالمنفى كفيلة بأن تدفعه لأخذ العبر وتحويلها إلى أبيات شعرية فيها الكثير من الحكم وفى هذا السبيل سار على نهج الأقدمين ولكن ماذا استفاد الشاعر من تجربته؟
ان البنيان الذى لا يقوم على أساس متين مآله الانهيار ،ولعل هذا ما استفاده من الحضارة الاندلسية التى فقدت أساسها فانهارت انهيارا مأساويا وإذا كان الماضي فى بداية القصيدة محفزا على الفرح والسعادة فإنه يتحول في آخر النص إلى محفز للأسى والحزن من هنا دعا الشاعر إلى عدم الالتفات إليه.
يمثل النص على مستوى المضمون حركة احياء النموذج لأن القصيدة توزعت بين مضامين متعددة وأغراض مختلفة ففقدت وحدتها الموضوعية ،شأنها شأن القصيدة التقليدية إضافة إلى أن الشاعر تقمص شخصية الشاعر الاندلسى فحذا حذوه وسار على طريقته ،فكان غرض رثاء المدن والممالك التقليدبة غرضا رئيسيا من هنا يتبين أن القصيدة على مستوى المضمون ظلت وفية لمبادئ احياء النموذج فهل سيستمر الوفاء للتقليد على مستوى الخصائص الفنية ؟
3التحليل
المستوى المعجمى
وظف الشاعر لغة قاموسية تراثية وهي تنتمى أصلا إلى العصر العباسي باعتبار أن شوقي يعارض قصيدة البحترى ايوان كسرى.
2.البنية الايقاعية
ا.الايقاع الخارجى
ينتظم القصيدة بحر واحد وهو بحر الخفيف (فاعلاتن مستفع لن فاعلا تن)
وروي واحد (السين)وقافية واحدة (انسى)وهي قافية مطلقة تتكون من 5 اجزاء موصولة اختار الشاعر بحرا خفيفا يتكون من3 تفعيلات وهو بحر مركب يتماشى مع عاطفة الشاعر المركبة التى تعانى غربتين وحنينين.إن حضور هذه المعطيات الموسيقية يؤكد انتماء النص الى تيار إحياء النموذج .إن هذه المعطيات الموسيقية الخارجية ذات الطابع التراثي لا تكسب النص خصوصيته وإنما وجب النظر في الإيقاع الداخلي فما هي إذا خصائصه؟
ب.الايقاع الداخلى
يتميز النص موسيقيا بلمحة حزينة أثارتها التجربة الذاتية بحنينها وغربتها وقد تضافرت مجموعة من العوامل والمعطيات نذكر منها الأصوات حيث يعتبر صوت السين صوتا مركزيا وهو صوت أسنانى احتكاكي مهموس ،يتكرر فى بعض الابيات أكثر من أربع مرات وحقق هذا الصوت انسجاما موسيقيا لأن روى القصيدة هو السين كذلك ونتيجة ظاهرة تكرار الصوت نبعت من القصيدة موسيقى كئيبة مفعمة بالحزن والأسى ،لكن قد تتصاعد الموسيقى بشكل انفعالى فيظهر الشاعر غاضبا ولعل هذا ما نكتشفه فى البيت العاشر حيث وظف شوقي استفهاما أفاد النفى والاستنكار وعبر عن عمق الاسى والتحسر .
لإيصال عاطفته اعتمد الشاعر على مستويات موسيقية متعددة زادت من التميز الايقاعى للنص ومن ذلك نذكر التوازي الذي يشمل مجموعة من الابيات منها البيت 10(المشارق.المغارب)والبيت 16(الخلائف.الطوائف)(درس.طمس)اما ظاهرة التكرار فتظهر من خلال تكرار الحروف مثل السين وتكرار الكلمات كما نجد فى البيت 4 سلا.سلا وهوجناس تام،وملامح التكرار تلوح بوضوح في تكرار البنية العروضية (الروى القافية البحر)على ضوء هذه المعطيات نستنتج أن القصيدة تحفل بمعطيات موسيقية متنوعة ما جعل منها تحفة ايقاعية قل نظيرها فى عصر النهضة
3الصورة الشعرية
اعتماد شوقي على الصورة الشعرية ظاهر وواضح في جل شعره وقد يظهر هذا الاعتماد بجلاء في قصيدته وجه التاسى التى عارض فيها الشاعر العباسى البحترى ومن خلال معاينتنا للنص يتبين أن الشاعر اعتمد على علاقة المشابهة فوظف التشبيه في أبيات كثيرة مثل ما نجد فى البيت الثاني حيث شبه الشاعر لحظة شبابه بالمس أو الجنون وهي صورة ذهنية تجريدية ونجد التشبيه كذلك فى البيت14حيث شبه الريح بالناقة او المركب للدلالة على التيه الذي أصبح يشعر به فى ديار الغربة وضمن علاقة المشابهة دائما نجد الاستعارة فى البيت11(سقمت شمسهم)حيت شبه الشمس بالانسان فحذف المشبه به وأصبحت الاستعارة تصريحية وهو يريد ان يبين ان الحضارة العربية الاسلامية قد انتهت ولم يعد لها وجود في الأندلس ولعلنا نلمس هذا المعنى في البيت12 حيث ووريت الشمس التراب أي دفنت وهذه استعارة كذلك غير أننا نلاحظ استعمال الشاعر لأشكال من البديع مثل الطباق (النهار الليل)(المشارق المغارب)والجناس(ينسى انسى)وهو هنا غير تام و(سلا سلا)وهو هنا جناس تام إن ميل شوقي إلى بعض هذه الأشكال من البديع نابع من تأثره الكبير بالشعر العباسي الذي عرف ازدهارا واضحا لشعر الصنعة ،وأخيرا نقول إن شوقي على مستوى الصورة الشعرية ظل وفيا لمبادئ عمود العربي وسار على نمط الاقدميين.
4الاساليب
على مستوى الجمل يتوزع النص بين الانشاء والخبر فمن أمثلة الخبر نذكر (البيت5 6 7 8 ....)ومن الانشاء نذكر(البيت10 2 ....)تحضر الجمل الانشائية بوظائف متعددة منها (الاستنكاروالنفى)ومنها(الالتماس)كما نجد فى البيت فالأمر خرج عن معناه ليدل على الالتماس
أما الجمل الخبرية فتعددت وظائفها لكن تبقى وظيفة الإخبار هي المهيمنة ولعل هذا ما جعل الأساليب الخبرية تهيمن على النص هيمنة واضحة وتسقط النص فى النزعة التقريرية التي ظلت خاصية تميز تيار إحياء النموذج .إن تعدد الجمل يتلاقح مع تعدد الضمائرففى بداية النص وظف الشاعر ضمير المثنى(اذكرا)إن حضور هذا الضمير يعد مظهرا من مظاهر التقليد لأن شعراء التراث خاطبوا فى غالب الأحيان رفيقا أو أكثر لكن ضمير المفرد يبقى مهيمنا لأن القصيدة تعبر عن تجربة فردية ،مال الشاعر فى لحظة من لحظات القصيدة إلى استعمال ضمير الجمع الغائب للدلالة على أهل الأندلس

هناك 13 تعليقًا: