السبت، 11 أكتوبر 2014

ظاهرة الشعر الحديث-1- القراءة التوجيهية-ثانية باك


القراءة التوجيهية ا .


1 – في عنوان المؤلف :


يتألف من مكونين أساسيين هما : ’’ ظاهرة ‘‘ و’’ الشعر الحديث ‘‘ ..
بالنسبة إلى الأول فهو يحيل على معنى الظهور والوضوح والشيوع والانتشار .. فتكون الظاهرة لغة هي الجلية البارزة الواضحة ..
والمكون الثاني يحيل على حركة شعرية موسومة بالحداثة .. وعملا بمبدإ التأويل المحلي نستطيع تحديد المقصود بها ، وهي تلك التي ظهرت بالتزامن مع نكبة فلسطين سنة 1948 وأخذت لها أسماء ونعوتا منها : الشعر الحر ، الشعر المنطلق ، شعر التفعيلة ..
ومن بين ما قامت عليه :
- استبدال نظام البيت ذي الشطرين المتوازيين بنظام السطر الشعري ( هناك من يسميه الشطر وهناك من يسميه البيت ، بالإضافة إلى السطر ) ،
- استبدال نظام البحر بنظام التفعيلة ،
- التنويع في القافية والروي ..
هنا نستطيع أن نطرح السؤال التالي : أوسم هذا الشعر بالحداثة لأنه حديث فعلا أم لتمييزه عن سواه من الاتجاهات التجديدية المعاصرة ؟
بالعودة إلى هامش الصفحة 56 نجد جواب المعداوي الذي يؤكد أنه يفضل التسمية تمييزا للحركة عن التيارات الأخرى خصوصا جماعة الديوان وأبولو والرابطة القلمية .
الجمع بين المكونين من خلل الإضافة ( ظاهرة مضاف ، والشعر الحديث مضاف إليه ) يحيلنا على منظور يحدد الشعر الحديث باعتباره ظاهرة قابلة للدراسة على ضوء العوامل التي تحكمت في إنتاجها ( عامل تاريخي ؟ ، ثقافي ؟ ، سياسي ؟ ، نفسي ؟ ، اجتماعي ؟ ) ..

2- في جنس المؤلف :


من خلل صيغة العنوان التي تضطلع بقوة الإخبار ، ومن خلال المزاوجة بين الخطاب النثري والشعري في المؤلف نستطيع افتراض طبيعته كدراسة نقدية للشعر الحديث باعتباره ظاهرة ، كما نستطيع طرح الأسئلة التالية :
- ماهي حدود المتن الشعري قيد الدراسة ؟
- ماهو المنهج النقدي المعتمد فيها ؟
- ماهي المفاهيم والمصطلحات الموظفة ؟
- ما هو الإطار المرجعي للدراسة ؟

3 – في سياق التأليف :

ا - السياق العام :
* بروز حركة شعرية جديدة بالتزامن مع نكبة فلسطين سنة 1948 أحدثت خلخلة في جسد القصيدة العربية ..
* تباين آراء النقاد والدارسين حول الظاهرة
* إدلاء كل منهم بدلوه مؤيدا أو رافضا أومتوجسا ..
ملحوظة : يمكن الرجوع إلى ما أبعد من سنة 1948 للحديث عن السياق العام وذلك بدمج هذا السياق في سياقات أخرى تمتد إلى عصر الانحطاط تماشيا مع طبيعة المقرر الدراسي ..
ب - السياق الخاص :
* اهتمام المعداوي بالشعر الحديث كتابة ونقدا ..
المؤلف إذن يرد في سياق ظهور حركة شعر جديدة أحدثت خلخلة في جسد القصيدة خصوصا على المستويين الموسيقي واللغوي ، وقسمت النقاد حولها بين مؤيد ورافض ومتوجس ، ولما كان المعداوي واحدا من المهتمين فقد كان لابد من إذاعة موقفه منها ورأيه فيها ومن هنا تأتي ضرورة التأليف


4 - المحتويات


الفصل الأول : التطور التدريجي في الشعر الحديث .

يتكون هذا الفصل من مقدمة ( الشعر العربي بين التطور والتطور التدريجي ) وقسمين ( نحو مضمون ذاتي و نحو شكل جديد ) .
المقدمة :
- الانطلاق من قناعة هي أن حركة تطور الشعر العربي كانت محكومة بعدة عوامل أهمها اثنان : عامل الاحتكاك الفكري بالثقافات والآداب الأجنبية ، وتوفر قدر من الحرية يتيح للشعراء أن يعبروا عن تجاربهم ..
- الاستشهاد على ذلك بظهور أبي تمام وأبي نواس والمتنبي وأبي العلاء في العصر العباسي ، و بالموشحات في العصر الأندلسي ، والحركات التجديدية في العصر الحديث ..
- التذكير بأن الشاعر العربي لم يتمتع بالقدر الكافي من الحرية بسبب هيمنة النقد المحافظ الذي نشأ بين أيدي علماء اللغة المقدسين للشعر الجاهلي ..
- التذكير ، بناء على ما سبق ، بأن الاحتكاك الثقافي وحده ’’ لا يملك أن يخلق حركة تجديدية ما لم يتوفر للشعراء قدر مناسب من الحرية ‘‘ ..
- تفسير ضآلة التجدد والتطور في الشعر العربي بغياب عامل الحرية ..
- التساؤل إن كان عاملا الاحتكاك والحرية قد توفرا لشعراء حركة الشعر الحديث ، والتأكيد على فرادتها بقيامها متزامنة مع نكبة فلسطين التي أزاحت عن الوجود العربي التقليدي قداسته وأعطت الشعراء مزيدا من الحرية ..
- الانتهاء إلى أن هناك حركتان تجديديتان في الشعر العربي الحديث : الأولى ( التيار الذاتي ) واجهت الوجود العربي التقليدي وهو ما يزال متماسكا فكان التطور عندها تدريجيا ، والثانية واجهته بعد أن انهار وزالت عنه القداسة فكان التجديد عندها قويا وعنيفا ..
القسم الأول – نحو مضمون ذاتي .
في هذا القسم يعرض المعداوي تطلع الشعراء الوجدانيين نحو الذاتية .. وهو وإن كان يرى أن هذا التوجه راجع لأسباب سياسية واجتماعية وثقافية ، فإنه يرى أيضا أنه بمتابة رد فعل على الحركة الاحيائية التي استسلمت لسلطة القديم .. من هنا يسوغ المعداوي لنفسه الوقوف عند الاتجاه الإحيائي الذي مثله البارودي ..
1 – محاكاة الأقدمين ( التيار الإحيائي ) :
يحصر المعداوي مهمة الحركة الإحيائية في تخليص الشعر من رواسب عصر الانحطاط بالعودة إلى محاكاة القديم في عصور ازدهاره ،
يفسر العودة إلى القديم بهيمنة الثقافة العربية الخالصة لمعظم شعراء البعث ،
يستدل على العودة بقوله : ’’ فقد تمسك شعراؤها بلغة القدماء وأساليبهم البيانية واقتفوا آثارهم في المعاني والأفكار ‘‘ ،
يبرر العودة إلى القديم في عهد البارودي بكون الأمة العربية كانت في طور الانبعاث ،
يعلل عدم قدرة الشعراء الإحيائيين على الاستجابة لنداء الذات بانشدادهم إلى الماضي وعدم استساغتهم لما يخالفه ..
2 – التيار الذاتي :
يمهد المعداوي للحديث عن المضمون الشعري للتيار الذاتي الوجداني بالإشارة إلى أنه بدأ مع جماعة الديوان ولم يكتمل إلا مع الرابطة القلمية وجماعة أبولو ..
اجماعة الديوان :
- ربط ظهور الجماعة ومناداتها بضرورة التعبير عن الذات بظهور الطبقة البورجوازية الصغيرة على مسرح الأحداث في المجتمع المصري ، وبالالتحام المتين بين الأجيال الصاعدة وبين الثقافة الغربية الحديثة ..
- تحديد الخيط الرابط بين أعضاء الجماعة ( العقاد ، شكري والمازني ) في كونهم آمنوا جميعا بأن ’’ الشعر وجدان ‘‘ ..
- التنبيه إلى أن مفهوم الوجدان متباين عندهم : عند العقاد هو مزيج من العاطفة والفكر ، وعند شكري تجاوز للواقع وتأمل في أعماق الذات ، وعند المازني كل ما تفيض به النفس من شعور وعواطف وإحساسات ..
- التذكير بأن تباين موقفهم من مفهوم الوجدان أثمر شعرا متباينا من حيث المضمون .
عن العقاد يقول ’’ فقد لابس شعرالعقاد ميل واضح إلى التفكير .... حتى حين عالج الموضوعات الغنائية الخالصة ‘‘.. ويقول بأنه وفق أحيانا وأحيانا لم يوفق وهو ما دفع البعض إلى القول بأن العقاد ’’ مفكر قبل أن يكون شاعر ا ‘‘ .
وعن شكري يقول بأنه ’’ يستمد طابعه المظلم من أغوار نفسه الكسيرة منصرفا عن إعمال العقل إلى التأمل في أعماق الذات لأن المعاني عنده جزء من النفس لا يدرك بالعقل ، وإنما يدرك بعين الباطن ، أي بالقلب ‘‘ . وقد وجد في الحلم ما يساعده على استبطان أسرار نفسه ظنا منه أن معرفة ذاته تساعده على معرفة الحياة وتضمن له السكينة والاطمئنان ، لكن الحلم نفسه أصبح مصدرا للعذاب ..
وعن المازني يقول : ’’ أحب أن يتعامل مع الأشياء تعاملا أساسه الانفعال المباشر .... دون تدخل من العقل ، أو توغل في أعماق النفس ‘‘ .. وبذلك كان من السهل على قارئ شعره أن يتبين نظرته إلى الحياة .. المازني ’’ كاره للحياة ، مبغض لها ‘‘ . يكرهها لما لاقاه منها من مرارة ، ويحياها بألمها وهذا ما يفسر انتقاله من الشعر إلى النثر و’’ اعتناق السخرية من الناس ومن الحياة والموت جميعا ‘‘ ..
- العودة إلى التذكير بأن الاختلاف في المضامين الشعرية لا يعني اختلاف أفراد الجماعة من حيث ’’ دعوتهم إلى العودة إلى الوجدان ‘‘ ، وبأن هذه العودة لايمكن أن تنتج إلا شعرا متفردا مختلفا ..
- العودة لتعليل إيمان أفراد جماعة الديوان بقيمة العنصر الذاتي ب ( أولا ) انهيار شخصية الفرد في المجتمع المصري وشعوره بضرورة رد الاعتبار إليها ، وب ( ثانيا ) تشبع الجيل الصاعد بالفكر الداعي إلى الحرية والتحرر ..
- ختم الحديث عن المضمون الشعري عند جماعة الديوان بالقول : ’’ أثر الوجدان في شعر هذه الجماعة كان أثرا سلبيا ، يؤثر ( يفضل ) هدوء الحزن وظلمة التشاؤم على ابتسامة الأمل واستشراف النصر، فحفر بذلك أول قناة مظلمة في طريق الاتجاه الرومانسي الذي أعقب هذا التيار، وورث معظم خصائصه التجديدية ‘‘ .
بالرابطة القلمية :
- اعتبار النتاج الشعري للرابطة القلمية إفرازا لتجربة الهجرة الفردية وما رافقها من إحساس بالاغتراب ليعلل ميل شعرائها إلى التعبير عن ذواتهم .. ’’ الهجرة بهذا المعنى لاتملك أن تفجر في النفس حسا جماعيا ، بل قصاراها أن تتجه بالمأساة اتجاها كليا نحو الوجدان ‘‘ .
- الإشارة إلى أن شعراء الرابطة القلمية قد وسعوا مفهوم الوجدان حتى ’’ يشمل الحياة والكون ‘‘ .. ولكونهم آمنوا بروابط خفية ’’ تشد الكائن الفرد إلى الكون جملة ‘‘ ( كله ) ، أمنوا تبعا لذلك بأن بإمكان الشاعر ’’ أن يتعامل مع الحياة والكون عن طريق ذاته ‘‘ لأن ’’ الحياة تنبثق من داخل الإنسان نفسه ولن تجيئ مما يحيط به ‘‘ ..
- الإشارة إلى أن هذا المفهوم للوجدان عند الرابطة لا ينعكس في شعر شعرائها الذين فضلوا الهروب ’’ من الناس ومن الواقع والحضارة ‘‘ ..
جبران هرب بأحلامه إلى الطبيعة بما هي عالم صاف وهادئ عكس عالم المدينة الحافل ’’ بالضجيج والخصومة والاحتجاج ‘‘ .
ميخائيل نعيمة انقطع إلى التامل في النفس مقتنعا بأن لاخلاص من الواقع الفاسد ، وبأن الحياة ’’ دورة عبث يتساوى فيها الموت والحياة ‘‘ .. لذلك تجنب الناس وتركهم لحالهم لا يشاركهم أمرا لأنهم ليسوا في مستوى الوعي الصوفي بالحياة .. بهذا نفض من اهتمامه مشاكل الحياة ومتاعبها وأوسع لذاته ..
أبو ماضي ، ولتحقيق سكينة نفسه ، اعتصم بالخيال ثم بالقناعة والرضى.. ولما لم يصل إلى نتيجة ’’ عمد إلى الفرار من الناس ومن الحضارة ، كما فعل من قبله جبران ونعيمة ‘‘ ..
نسيب عريضة أضاف نفحة جديدة وهي أن ’’ سر الشقاء كان في هبوط النفس من مقامها السامي، إلى درك الحياة الاجتماعية ‘‘ .. وحين لم يستطع العودة بالنفس إلى مقامها السامي اكتفى ’’ بالخروج إلى الغاب ، مستنكرا للحياة الاجتماعية ، وما يكتنفها من حركة وزحام ‘‘ ..
- الحكم على شعر الرابطة بتكريس قيم ’’ الهروب والاستسلام والخنوع ‘‘
’’ غير أن الحصيلة الشعرية التي أثمرها هذا التعبير عن الذات ظلت مرتبطة بمعاني اليأس والتردد والقناعة والاستسلام ، وهي مضامنين سلبية ، لاتتناغم مع ما يسميه الدكتور محمد مندور( الوعي القومي ) .
ججماعة أبولو :
- الإشارة إلى أن ذات الشاعر مع هذه الجماعة التي كونها أحمد زكي أبو شادي سنة 1932 أصبحت ’’ مصدر ما ينتج من شعره ‘‘ .. لذلك كان من السهل على القارئ أن يلامس معطيات ووقائع من حياة الشاعر في شعره ..
’’ فظمأ ابراهيم ناجي إلى الحب .... هو السر في أن أكثر شعره وأجوده يدور حول المرأة ‘‘ .
’’ وفشل الصيرفي في حبه ... هو السر في انكفائه على ذاته يتحسس جروحها ويتغنى بآلامها ‘‘ .
’’ ولعل مرض أبي القاسم الشابي .... ما يفسر هيامه بالجمال وعشقه للحرية ‘‘ .
’’ ومثل ذلك أو قريب منه يمكن أن يقال عن عبد المعطي الهمشري ‘‘ ..
’’ أما علي محمود طه فقد خلت حياته من النكبات ‘‘ ولذلك كان شعره ’’ حافلا بمظاهر البهجة والمسرة ‘‘ .
- التوقف عند شعر أحمد زكي أبي شادي فيقول عنه : ’’ والحق أن القارئ لشعر أبي شادي سواء ما كان منه غنائيا ( ذاتيا ) محضا ، أو ما كان موضوعيا .... لابد أن يقع على ملامح من شعره ‘‘ .. يعني أن ذات أبي شادي واضحة في كل شعره سواء كان ذاتيا أو موضوعيا ..
- نفي سمة بروز الذات في شعر باقي شعراء الجماعة حين يخوضون في الموضوعات الاجتماعية والقومية ..
- التذكير بأن الاتجاه القومي الاجتماعي في شعر الجماعة لم يكن ليؤسس لتيار واقعي مواز للتيار الوجداني ..
- القول بأن ما يمكن أن يعتد به من شعر الجماعة هو الذي يدور حول المرأة .. ’’ حتى شعر الطبيعة عندهم اقترن بمعاني الأمل أو معاني اليأس حسب حضور المرأة أو غيابها ..‘‘ .
- الانتهاء إلى أن هروب شعراء الجماعة إلى الطبيعة كان بلا جدوى ’’ حتى لنرى أكثرهم يتعجلون الموت وهم شباب ‘‘ ..
- التأكيد على أن ’’ نزعة الانطواء والهروب من مواجهة الحياة ، كانت صفة بارزة في شعرهم ‘‘ وعلى أن تيار العودة إلى الذات قد انحصر ’’ بعد أن استنفد إمكاناته الموضوعية ، وتدفق مكانه تيار آخر لم ينكر أهمية الذات إنكارا تاما ‘ بل أراد لهذه الذات أن تفتح نفسها على ما حولها ‘‘ قاصدا بذلك ’’ حركة الشعر الحديث ‘‘ .

 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق