السبت، 11 أكتوبر 2014

دم و دخان _3_ ثانية باك

 - القوى الفاعلة :في النص قوة فاعلة آدمية هي دحمان الذي هو قطب الحكاية .. ودحمان على وزن فعلان من الفعل الثلاثي المجرد ( دحم ) . ومادة دحم في لسان العرب ، ص 196 من المجلد 12 :
الدحم : الدفع الشديد .... والدحم النكاح . ودحم المرأة يدحمها دحما : نكحها ؛ ومنه حديث أبي هريرة عن النبي ، صلى الله عليه وسلم : أنه قيل له أنطأ في الجنة ؟ قال : نعم ! والذي نفسي بيده دحما دحما ، فإذا قام عنها رجعت مطهرة بكرا .
وفعل دحم يتقاطع في دلالته مع فعل ’’ دخم ‘‘ .. الدخم : ضرب من النكاح ، قيل هو دفع في إزعاج ، دخمها يدخمها دخما ، والحاء المهملة لغة .
دلالة الاسم من خلال ما سبق تتطابق مع الوضع الاجتماعي والنفسي للبطل .. فالحياة – الزمن – ظروف العيش – تدحمه وتدخمه فلا يجد مفرا من بيع دمه – الانتحار وتغييب الذات ..
ودحمان كما يبدو من دلالة اسمه رجل فقير معول يصارع أعباء الحياة التي تضطره إلى بيع دمه .. والنص حين يختار بطله من صفوف الفئات الكادحة المحرومة يمعن في واقعيته ..
ودحمان بفعل الحاجة – الفقر ينسج شبكة من العلاقات مع فاعلة آدمية أخرى يتفاعل معها سلبا وإيجابا ..
علاقته بأسرته مبنية على الإحساس بالواجب والمسؤولية ، بغض النظر عن العواقب التي قد تنتج عن الالتزام بها ..
علاقته بأهل المريضة مبنية على الحاجة – المصلحة .. هم من يشتري الدم الذي يتحول ثمنه كبدا على مجمر ..
علاقتهم به مبنية على المصلحة أيضا ، ولتحقيقها يلجؤون إلى التنصل من الشرف ( الكلمة = الرجل ) .
وعلاقته بالطبيب مبنية على الحاجة أيضا – المصلحة وهي عدم ممانعته في أخذ دمه ، ولتحقيقها يلجأ دحمان إلى الكذب ..
وكذلك علاقة الطبيب بدحمان مبنية على المصلحة ، وذلك يبدو من خلل اللامبالاة وتجاهل كذب دحمان البين ( الصائم لا يؤخذ دمه ) .. الطبيب هنا يعي أن دحمان يكذب ، لكنه يتجاهله مما يدفع إلى تأويل دلالة موقفه بالتواطؤ مع أهل المريضة – الأغنياء الذين يشترون دماء الفقراء = يتغذون على دمائهم ( vampires )
علاقة دحمان بالمعلم علي مبنية على الزبونية والثرثرة ، وهي ظاهرة اجتماعية متفشية أكثر من تفشي ظاهر..
يبدو أن الحاجة – الفقر تقف وراء العلاقات الاجتماعية وتفرض القيم المؤطرة لها .. لبلوغ الحاجة لابد من الكذب واللامبلاة والاحتيال والتنصل من الشرف وهي آفات اجتماعية تعكس ما كان عليه المجتمع المغربي من فساد وتحلل أخلاقي في زمن تلاشت فيه القيم الإنسانية النبيلة ..
وفي النص قوى فاعلة أخرى غير آدمية وهي الالتزام بالواجب الأسري وبيع الدم .. ودحمان هو المنجز للفعلين ..
الواجب يدفع دحمان إلى بيع الدم في ظل الحاجة ..
3 – الخطاطة العاملية :
العامل الدلالي هو الدور الذي تضطلع به القوة الفاعلة في النص السردي .. وبالنسبة إلى ’’ دم ودخان ‘‘ فيمكن رسم الخطاطة كما يلي :
المرسل - - -- - - - - - - الموضوع - - - - - - - - - المرسل إليه
الواجب والمسؤولية- - - - - - شراء الكبد - - - - - - - - - الزوجة – الأولاد

المساعد - - -- - - - - - - الذات - - - - - - - - - - - المعارض
بيع الدم - - - - - - - - - - دحمان - - - - - - - - - ( ..... )
من خلال الخطاطة يتضح إن النص يحكي رحلة بحث رجل مقهور ( دحمان ) في طلب بعض المتطلبات المعيشية ( توفير الكبد للزوجة المتوحمة ) ، والنتائج العكسية للطرائق المميتة التي يسلكها .. وهي رحلة تنتهي بالفشل المتمثل في الانهيار النفسي الكلي للبطل والذي تجلى في عدم قدرته على مضغ قطعة الكبد ( فقدان الشهية ) التي تتماهى مع قطرة دمه الداكنة وهي تتزايد في قعر الزجاجة ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق