السبت، 11 أكتوبر 2014

دم ودخان_1_ثانية باك

دم ودخان ، مبارك ربيع ، ص ص 150 – 151 .
القراءة التوجيهية :

ا – العنوان :
يتألف من مكونين لاتوجد أصلا علاقة دلالية بينهما إلا ما يؤسسه حرف العطف ..
الأول هو الدم ، ويحيل على معنيين متناقضين هما الحياة والموت .. يحيل على الحياة إذا استحضرنا ضخه في جسم أو سريانه فيه .. ويحيل على الموت إذا استحضرنا سفكه وإراقته ..
يبقى المكون الأول مبهما مفتوحا على احتمالين يضعان القارئ أمام سيناريوهين مفترضين .. أي أنه سيتوقع إما أن تحكي القصة حياة أو موتا ..
الثاني هو الدخان ، ويحيل على النار التي تحيل بدورها على الرماد .. والرماد معنى من معاني الموت ..
هكذا يمكن إسقاط توقع السيناريو الأول [ حكاية الحياة ] وترجيح الثاني [ حكاية الموت ] إذا نحن ضممنا المكونين في حقل دلالي واحد هو الموت ..
ب – قراءة استكشافية :
بالقراءة الأولى للنص ، نجد حضورا مكثفا لما يمكن اعتباره معجما دالا على المكونين معا ..
الدم : خدر الذراع ، ورقة الدم ، الشوكة ، أريكة فخمة ، قطرات الدم ، الزجاجة .....
الدخان : المجمر ، الدخان ، تتلمظ ، السفود المعدني ، قطع الكبد ، بقع دخانية ..
والملاحظ هو أن هناك تشاكلا بين المكونين وذلك يبدو من خلل : بقع دخانية أشد كثافة [ هكذا تبدو قطع الكبد الداكنة المتراصة في السفود ] ، ومن خلل : بقعة داكنة تتزايد [ قطرة الدم الأولى التي ظلت تتزايد في قعر الزجاجة ] ..
كذلك نجد دحمان – البطل - يبيع دمه ويشتري كبدا تشويه زوجته على المجمر فيتصاعد الدخان ..
هنا نعود لتأكيد إسقاط سيناريو قراءة حكاية الحياة في النص والإبقاء على سيناريو حكاية الموت ..
من خلل الربط بين العنوان وما تسمح به القراءة الأولى نستطيع توقع ما سيحكيه النص : رجل فقير يصارع أعباء الحياة تضطره ظروفه المادية إلى بيع دمه لتوفير بعض المتطلبات المعيشية ..
من هنا نفترض أن النص قصة واقعية ذات خلفية اجتماعية – اقتصادية تتمثل في ظاهرة بيع الدم المستشرية في الأوساط الشعبية المقهورة..
ج – الاستهلال :
يفتتح النص بوقوف دحمان عند مسطبة المعلم علي بعد أن باع دمه وحصل على عشرة دراهم ، وعلامات التعب بادية عليه [ لوى رأسه في حركة متعبة ، هز دحمان رأسه موافقا ثم تابع بصوته المتعب ، كان بوده لو ملك القدرة على الكلام ] .. دحمان إذن متعب ويستعين بحركة رأسه لتعويض عجزه عن الكلام مما يدل على أنه في أزمة ..
د- الاختتام :
يختتم النص ودحمان ما يزال في أزمته [ أو بفعل خدر الذراع ، لاك إحداها . حركها في شدقيه ، تمتنع في المضغ ، أعاد تحريكها ..] ..
بين الاستهلال والاختتام علاقة تطابق سلبي .. كلاهما خلل ( أزمة ) ، وهذا يعني أن النص يرصد وضعية الوسط ( الأزمة – العقدة ) وحدها دون أن يكون هناك أي انفراج لها .. وفي هذا يكمن رهان النص ..
ه – سينوبسيس :
يحكي النص قصة رجل فقير يعيل أسرة من زوجة وأولاد . لم يجد مالا يشتري به كبدا إرضاء لزوجته التي تتوحم ، فقرر بيع دمه .. فعلا باع دمه ولم يقبض الثمن المتفق عليه مع من اشتروه لأنهم انقلبوا عليه .. عاد دحمان متعبا ووقف عند مسطبة المعلم علي وبدل أن يشتري كرشة كالعادة اشترى كبدا بشحم رقيق وانصرف إلى بيته .. تحلق حوله الأطفال برهة ثم انصرفوا عنه وتحلقوا حول أمهم حين بدأ الدخان الشهي يتصاعد من المجمر .. ظل دحمان يراقب هرج الأولاد وتلمظ الزوجة ثم اتكأ على الحائط وهو ما يزال يحس بخدر ذراعه الذي يكاد يعم نصف الجسم .. خدر ذراعه ذكره باللذة التي استشعرها وهو على الأريكة الفخمة ، فراح يستحضر مشهد اتفاقه مع أهل المريضة كي يبيعهم دمه مقابل خمسين درهما ، وكذبه على الطبيب ، وجلوسه على الأريكة الفخمة ، ومشهد انقلاب أهل المريضة عليه ..
ظل دحمان سارحا يستحضر ما مر به إلى أن استرجعته زوجته وناولته سفودا معدنيا تراصت فيه قطع الكبد الداكنة .. أخطأ السفود مرارا ، ولما تناول قطعة الكبد ووضعها في فمه ، استعصت على المضغ .. ظل يلوكها ويحركها من شدق إلى آخر، وصورة البقعة الداكنة [ قطرة دمه ] المتزايدة في الزجاجة لا تفارق ذهنه ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق