السبت، 11 أكتوبر 2014

الشعر الرومانسي (1)_ثانية باك-

                   الشعر الرومانسي ،
ع المحسن طه بدر ،

واحة اللغة العربية ،
السنة الثانية آداب عصرية وعلوم إنسانية ،
ص ، ص 45 ، 46
تمهيد :
حمل الشعراء الرومانسيون لواء تجديد الشعر عن طريق رفض محاكاة التراث الشعري العربي ، وعن طريق الانفتاح على الشعر الغربي واستلهامه ، لكنهم فشلوا في المهمتين معا مما جعل شعرهم ينحصر ويتلاشى لتنشأ حركة شعرية جديدة على أنقاضه سنة 1948 حملت لواء التجديد برفض التقوقع داخل المعاني الذاتية المكرورة التي تحجر عندها .. وبالنظر إلى عنوان النص ( الشعر الرومانسي ) وتاريخ صدور الدراسات التي اقتطف منها نستطيع افتراض كونه تعريفا بهذا الشعر وربما وضعه في الميزان ..
فما هي سمات الشعر الرومانسي كما يقدمها النص ؟ وإلى أي حد استطاعت الحركة الرومانسية من إنجاز كل ما كان مطلوبا منها من إنجازات فنية ؟
الملاحظة :
ما نلاحظه أولا هو العنوان .. وهو جملة اسمية تشي صياغتها بالتعريف بالشعر الرومانسي .. هذا هو الشعر الرومانسي ..
وإذا نحن لاحظنا الفقرة الأولى نجدها تعرف بمدارس الشعر الرومانسي وبأبرز رواده ..
أما الفقرة الثانية فهي تعرف بأهم إنجاز حققه الشعر الرومانسي وهو رفض الوظيفة الدعائية ..
وفي الفقرة السادسة نجد فشل المشروع الرومانسي في تحقيق كل المطلوب منه ..
وفي الفقرة الأخيرة نقرأ ربط الكاتب لجرأة الرابطة القلمية وقدرتها على التجديد بصلتها الوثقى بالحضارة الأوروبية ..
إذا نحن جمعنا هذه الملاحظات – المعطيات النصية نحصل على ما يلي :
النص تعريف بالشعر الرومانسي من خلل مدراسه وأبرز رواده ، ومن خلل إنجازاته وإخفاقاته مع تعليل الجرأة في التجديد بالارتباط بالثقافة الغربية ..
لكننا إذا نحن نظرنا في مصدر النص ، وهو مجموعة دراسات طبعت لأول مرة سنة 1993 نستطيع القول بأن النص يتجاوز حدود التعريف بالشعر الرومانسي إلى محاولة تقييمه وتحديد ماله وما عليه ، بحيث يمكننا أن نصوغ العنوان هكذا : الشعر الرومانسي في الميزان ..
الفهم :
ا – الكشف عن المعنى :
النص ينقسم إلى مجموعة من الفقرات :
1 – ’’ ........ المهجر ‘‘ : تعريف بأبرز رواد الشعر الرومانسي وانتماءاتهم الفنية وفيها مقارنة بين مدرسة الديوان باعتبارها أكثر المدارس ادعاء للتجديد وبين الرابطة القلمية باعتبارها أكثرها ممارسة له .
2 – ’’ ..... نبي ‘‘ : رفض الشعراء الرومانسيين للوظيفة الدعائية التي اضطلع بها الشاعر الإحيائي للقوى السياسية والاجتماعية المتصارعة ، ومحاولتهم تخليص ذات الشاعر من ارتباطاتها الاجتماعية .. يستشهد الكاتب بقول لنعيمة وببيت لعلي محمود طه كلاهما ينفي ضرورة ربط الذات بعناصر خارجة عنها ..
3 – ’ ... سبيل ‘‘ : ربط الشعراء الرومانسيين الشعر بذواتهم في أبعادها الوجدانية ( أمل ، رجاء ، عجز ، يأس ، فرح ، سرور وحزن ) .. ثم هجومهم على الحركة الإحيائية التي ضحت بالذات في سبيل القوى السياسية والاجتماعية المتصارعة .. وبذلك تغير موضوع القصيدة فلم تعد تستمد مضامينها من حياة العظماء والأحداث الهامة وحدها ، وأصبح كل ما يثير الشاعر ويؤثر فيه شعرا مهما كانت قيمته ..
4 – ’’ .... اهتمامهم ‘‘ : محاولة الشعراء الرومانسيين التخلص من سيطرة التراث الشعري العربي بدعوى أن من حقهم إنتاج شعر يختلف عن شعر القدماء مادامت حياتهم تختلف عن حياة القدماء .. لكنهم تعاطفوا مع بعض الأشعار التي ربطها أصحابها بنفسياتهم مثل ابن الرومي وأبي نواس وغيرهما ..
5 – ’’ .... الشعر الأوروبي ‘‘ : محاولة الشعراء الرومانسيين تبني الشعر الغربي وخاصة الشعر الانجليزي وتقليده رغم صعوبة المحاولة التي تفرض تغيير الشاعر العربي لنفسيته وقيمه الداخلية قبل أية محاولة للتقليد ..
6 – ’’ ...... الأوقات ‘‘ : هذه الإنجازات التي حققها الشعراء الرومانسيون لم تحقق كل ما كان مطلوبا منها نظرا لعجزهم عن اكتشاف الصلة بين هموم الفرد وهموم الجماعة ، ولأن ثورتهم لم تكن جسورة ولم يكونوا مستعدين للدفاع عن حريتهم مما جعلهم يتقوقعون مركزين على المرأة الحلم التي لاعلاقة لها بالواقع مع اختلاف نسبي بالنسبة إلى مدرسة المهجر ، وهكذا صارت ثورتهم غامضة مضببة معزولة في غالب الأوقات ..
7 – ’’ ... رفضوه ‘‘ : رغم ادعاء الرومانسيين رفضهم للقديم فقد ظلوا مرتبطين به وهذا يظهر من خلل ضبابية مشاعرهم واعتبارهم الشعر مجرد معان وأفكار ( بالنسبة إلى الديوان ) ، ومن خلل وقوعهم أسرى المدح أو الرثاء ..
8 – ’’ .... أم قصيدة ‘‘ : فشل محاولة الرومانسيين تبني الشعر الغربي ، وتقليدهم له بشكل مباشر مع إسقاط الأغراض الشعرية والعناوين التقليدية من شعرهم حيث أصبحت العناوين أكثر التصاقا بالوجدان ..
9 – ’’ ... المتعينة ‘‘ : تغير الموضوع في الشعر الرومانسي لا يعني تغير كل شيء .. فهو لم يتخل عن التعميم والضبابية في الحديث عن علاقة الرجل بالمرأة باستثناء مدرسة المهجر ..
10 – ’’ .... والتعبير ‘‘ : عجز الشعراء الرومانسيين عن تغيير طبيعة صورهم وافتقار بعض أشعارهم إلى الصياغة البيانية مثل أشعار العقاد ..أما مدرسة أبولو فتصيدت الاستعارة لجمالها لا لقدرتها على أداء وظيفتها التعبيرية ..
11 – ’’ .... الحضارة الأوروبية ‘‘ ..لم تغير المدرسة الرومانسية موسيقى الشعر تغييرا جذريا وأقصى ما وصلت إليه هو تبني الأشكال الموسيقية القديمة كالرجز والموشحة وإن كانت مدرسة أبولو أكثر المدارس عناية بموسيقاها التي لم تفلح في توظيفها بشكل جيد ، أما مدرسة المهجر فكانت أكثرها جرأة وقدرة على التغيير بحكم صلتها الوثقى بالحضارة الأوروبية **
ب : بناء المعنى :
يتضح من خلل ما سبق أن النص ليس مجرد تعريف بالشعر الرومانسي .. هو محاولة لتقييمه انطلاقا من المقارنة بين ما ادعاه الشعراء الرومانسيون وبين ما حققوه عمليا ..
ادعوا رفضهم للتراث الشعري العربي فسقطوا أسرى له ، وادعوا تبنيهم للشعر الغربي فوقعوا في تقليده تقليدا مباشرا ..
يعني ذلك أن الشعر الرومانسي لم ينج من التقليد سواء تقليد الشعر العربي أو الشعر الغربي ..
الخلاصة هي : فشل المشروع الرومانسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق