الثلاثاء، 9 ديسمبر 2014

لنكن أصدقاء -قصيدة لنازك الملائكة

لنكن أصدقاء -قصيدة لنازك الملائكة

تأطير النص:لم تقف حركة التطور الموسيقية للقصيدة العربية عند حدودالتحرر الجزئي من قيود القافية،بل تخطتها الى أ بعد من ذلك ،فقد ظهرت محاولة جديدةوجادة في ميدان التجديد الموسيقي للشعر العربي تجاوزت حدود الاقليمية لتصبح نقلة فنية وحضارية عامة في الشعر العربي فشكل هذا اللون مدرسة شعرية جديدة حطمت كل القيود المفروضة على القصيدة العربية،انتقلت بها من حالة الجمود والرتابة الى حال أكثر حيوية وأرحب عرف بالشعر الحرأوشعر التفعيلة أوالشعرالحديث فسعت هذه المدرسة الى التمرد على وحدة الوزن والقافيةلانهم رأوا فيهما تشويه تجربة الشاعرومن ثم أصبحت القصيدةالعربية الجديدةلا تعتمد على توالي الابيات وانما يقوم بناؤها على سطور ولا تتخذ مساحة نصية محددة وانما يتفاوت طولها حسب عدد التفعيلات التي يتكون منها السطر وكل ذلك راجع الى طبيعة الدفقة الشعورية للشاعر في لحظة الابداع ومن رواد هذه المدرسة بدرشاكر السياب صلاح عبدالصبور يوسف الخال محمد الفيتوري ونازك الملائكةالتي تعتبر رائدة الشعر العربي المعاصرفكان ابداعها الشعري يصدح بموقفها الانساني الذي اتخذته وسيلةلاخراج الانسان من صخب همومه،ومشاكله اليوميةوقد خلفت انتاجا شعريا يضم تسعة دواوين ،منها ديوان شظايا ورماد الذي اقتطفت منه هذه القصيدة والتي تحمل عنوان لنكن أصدقاء فيحيلنا على وجود اسلوب انشائي ورد من مرسل/متكلم في صيغة الجمع يطلب حصول فعل ما من مرسل اليه/مخاطب فتحقق هذا الطلب بصيغة الفعل المضارع المقترن بلام الامر لنكن واذا عاينا بصريا فضاء الكتابة فيه يتضح أن الشاعرة أوجدت فراغات فاصلة بين بعض الاسطر الشعرية في توزيع النص وأن هذا البياض لم يأت عبثا بل يؤدي وظيفة محددة داخل جسد القصيدة ،انه نص يعتمد على نظام التفعيلة ومن ثم فان فرضية النص تتمحور حول قضية مفهوم الصداقة والتسامح الذي هو أساس بناء مجتمع فاضل،فما موقف الشاعرة من الواقع؟ وكيف عبرت عنه فنيا؟ وهل يمثل هذا النص خطاب شعر التفعيلة؟
مهارة الفهم:انفتحت القصيدةعلى وضعيات انسانية تتجلى في دعوة الشاعرةالى المحبةوالاخاء وهي دعوة تصدر من انسان اضناه واقع الانسان العربي المريراثناء الحرب العالمية الثانية وما جرت على العالم من ويلات امتد سنينا فجاءت القصيدة تعبيرا صادقا عن معاناة الانسان من الحقد والاقصاء وهي تتوزع بين اربعة مقاطع في المقطع الاول تحدد فيه مظاهر الضلال والضياع الدييعاني منه الانسان –المقطع الثاني تعلل فيه أسباب الصداقة التي هي قيمة انسانية جوهرية في حياة الافرادوالمجتمعات ةهي موجهة بالاساس الى الظالمين دوي القلوب القاسية-المقطع الثالث وصف عاقبة المتسبب في مآسي البشر وتتضمن عاقبة الاكف وعاقبة العيون وعاقبة القلوب -المقطع الرابع تعانق بشرا آخرين تحللفيه ظروف ومآسي أنواع البشر على اختلاف أجناسهم ولغتهم ومن هنا يتضح لنا أن رسالة النص تكمن في دعوة الشاعرة الى التضامن والتسامح والتآخي بين عامة البشر لخلق مجتمع فاضل يخلو من التمييز العنصري
القراءة التحليلية: الحقول الدلالية المعجم:للنص عالمان عالم الفوضى مثل دروب الاسى والانين-النزق-الجمود البليد-الجياع العطاش –ثم حقل عالم البشارة والانعتاق مثل لنكن اصدقاء-اصدقاء بشر-نحن والامم الاخرى-فهنا تبرزعلاقة بين الموت والحياة في ثنائية واضحة الدلالةنابعة من تجربة نفسية دلالتها معاناة الشاعرة بقضايا الانسان وما يجب القيام به من خلال اكتساب بعض القيم التي تدخل في اطار حقوق الانسان كحق العيش والمساواة بين الاجناس الايقاع:ان الشاعرة في هدا النص التجأت الى تكسير بنية البيت الشعري التقليدي في اعتمادها على السطر ويتضح دلك من خلال اعتمادها على بنية مفتوحة يتفاوت فيها طول البيت بحسب التفعيلات وتنوع قوافيها فجاءت اما مركبة أو متتابعة ومن ثم نلاحظ أن نازك الملائكة نظمت قصيدتها على بحر المتدارك وهو من البحور الصافية الموحدة التفعيلة غير أنالمقطع الشعري في هدا النص يتضمن جملة شعرية قصيرة عدد تفعيلاتها 15 تمثلها الوحدة الدلالية الثانية –تعليل أسباب الصداقة-واما باقي المقاطع فهي عبارة عن جمل طويلة تراوح عدد تفعيلاتها ما بين 18 و22 تفعيلة ومرد دلك الى الايقاع النفسي للشاعرة اد قد تطول أو تقصر الاسطر بحسب دفقتها الشعورية المرتبطة اساسا بطبيعةتجربتها لحظة الابداع ومن أهم مظاهر التكرار وتجلياته في هدا النص هو تكرار الصوامت والدي يصطلح عليه مصطلح التكرار السجعي كما هو وارد في المقطع الاول فيتراوح عددها تسع مرات اما الصائت نجد أنحركة السكون تتكرر أكثر من غيرها من الحركات اد تهيمن على المقطع كله ولعل تكرار هدا الصائت قد تعالق في تجاوب مع حركة الروي الساكن الصورة الشعرية:جاءت الصور الشعرية في هدا النص منقسمة الى عالمين عالم الخراب مثل حيث يمشي الدمار ويحيا الفناء انها جنحت الى رسم صورة حية عن تجربتها الداتية الى عقد علاقات تقوم على المشابهة حينما جعلت الدمار يمشي قاصدة بهدا التشخيص الى رسم صورة حسية توحي الى النهاية المأساوية التي آلاليها الكون ثم عالم السلام والتآخي مثل لنكن أصدقاء فهي صورة تجسد لنا هموم الشاعرة تجاه القضايا الانسانية وما تعانيه من تفرقة وتمزق فجاءت هده الصورة الشعرية تعبيرا صادقا عن موقف الشلعرة من قضايا العصر وعموما ان أغلب الصور الشعرية جاءت عباراتها خروجا عن المألوف اللغوي كدكرها ترمق البشر المتعبين –دروب الاسى والانين فوظيفة الوصف تقتضي تحديد الموصوف وفق مقتضيات اللغة والمنطق بيد أنالشاعرة هنا انزاحت عنها لترسم صورة شعرية لاتهتم الا بمنطق الانفعال الساعي الى خلق تأثير في المتلقي الاساليب:ومثلما عمدت القصيدة الى تطوير صورها وايقاعها طورت اساليبها اد يبدو من اللافت اعتماد الشاعرة أكثر من ضمير لغوي فالقصيدة تبتدىءبضمير الجمع المتكلم لتنتقل الى ضمير الغائب وهدا التنويع في الضمائر يعكس تنويعا في المواقف كدلك وهو شيء يميز البنية الاسلوبية للقصيدة الحديثة عموما لانه يجعلها أكثردرامية من القصائد السابقة على نحو ما تؤكده تلك الصيغ البارزة في الجمل الخبرية التي جاءت في أسطر متعددة أكثر من الاسلوب الانشائي

هناك تعليق واحد: