الأحد، 28 ديسمبر 2014

تحليل قصيدة البئر المهجورة

تقديم:
 
إن التحول الذي عرفه الشعر لم يقف عند القفز على الثوابت العروضية والتمرد عليها كما هو متجسد في خطاب تكسير البنية.بل تجاوز ذلك بإرساء أسس حضارية حديثة تضمن ديمومة المشروع الحداثي الشعري . إن هذه الحداثة الشعرية تقوم على مفهوم الرؤيا باعتباره كشفا متجددا لعالم في حاجة دائما إلى كشف وثورة مستمرة .وبالتالي ينعدم النموذج الشعري .ولا سبيل للتخطي والتجاوز إلا بالانفتاح على التجارب العالمية وإعادة قراءة التراث الإنساني من منظور جديد. وإذا كانت القراءة النصية غالبا ما اتخذت مطية لإثبات تصور مسبق أو موقف قبلي إلا أن قراءتنا للبئر المهجورة ليوسف الخال لن تتجه نحو نفس المقصد بل تتوخى رصد التضاريس الفنية المميزة لهذا الخطاب الشعري على عدة مستويات انطلاقا من كون لحمة مكونات النص لاتخرج عن إطار العلاقات التفاعلية بين جميع المكونات الحاضرة والغائبة
تفضي الملاحظة الأولية لشكل النص أنه يندرج ضمن خطاب من الخطابات الشعرية المتمردة على الثوابث(تجديد الرؤيا). فما حدود هذا التمرد؟ وما تجلياته. إن الجواب رهين بمقاربة القصيدة في جميع مستوياتها. و أول ما يثير في القصيدة عنوانها وتؤول هذه الإثارة إلى المفارقة الكامنة داخله اعتمادا على التداعي . فالبئر في الموروث الثقافي ترمز للحياة كما ترمز للإخفاء لعمقها تحت مقصدية إما الإيجاب أو السلب إلا أن وصفها بالمهجورة يجعلها مناسبة للإخفاء والستر. ألم يتخذ أبناء يعقوب البئر مكانا لإخفاء النبي يوسف عليه السلام فكانت محنته الأولى. وعلى أساس هذه المحنة يمكن افتراض أن طبيعة التجربة التي سيعبر عنها يوسف الخال تجربة مأساوية. وبناءا على هذا الافتراض ما دواعيها؟
 
البنية السطحية للقصيدة: فهم النص تعلن القصيدة في مدخلها عن العلاقة الحميمية بين الذات و إبراهيم باعتبارها شخصية محورية مركزية. شخصية تنجز الفعل وتحققه دون تراجع ونكوص.إبراهيم إنسان عادي يعيش حياته اليومية ويحمل بعدا دينيا وتاريخيا استمده من النبي إبراهيم الخليل الذي صدق الرؤيا وعزم على تنفيذها كما استمده من المسيح المخلص. إن ما يميز إبراهيم داخل عالم القصيدة هو علاقاته بالآخرين : هو مصدر الحياة والعطاء في صحراء تنعدم فيها شروط الحياة لكن الآخرين لايهتمون به نفس الاهتمام .إن العلاقة غير متعادلة بين إبراهيم والآخرين. فرغم كونه منحهم الحياة باعتباره المصدر/البئر التي يفيض ماؤها يكن له الآخرون البغض والعداء وينعتونه بالجنون
و في الوحدة الثانية تنمو القصيدة وتتطور عبر التركيز لمرة ثانية على إبراهيم وفعل التضحية الفردي المؤشر عليه بتكرير الفعل المشروط/ لو كان لي..... الذي يقدم عليه بغية بعث الجماعة.إبراهيم هو المسيح الذي يفدي العالم بموته مادام يشعر بمسؤوليته اتجاه الآخرين وهو يذكر بافتداء الشعوب نفسها بتقديم القرابين للآلهة الغاضبة فتستمر لديهم الحياة. إلا أن إبراهيم هنا ليس من أجل استمرار نفس الحياة وإنما لتغييرها للأفضل. ومن مظاهر هذا التغيير تحول الطبيعة التي لن تعرف غير الربيع وتحول العقبان عن طبيعتها الافتراسية فيعم السلام والأمن وتسترجع المعامل والشوارع والحقول طبيعتها الأصلية التي فقدها الإنسان المعاصر كما يسترجع الإنسان كرامته ويعود الضال التائه إلى أرض معاده. ولعل هذه المبادئ الحياة-السلم-الكرامة-محو الخطيئة هي المبادئ التي ضحى من أجلها المسيح قديما ويضحي من أجلها إبراهيم راهنا فإبراهيم هو مخلص الإنسان حديثا
.
إن هذه المتمنيات التي صيغت عبر الاستفهامات ستتحول إلى واقع في الوحدة الثالثة حين واجه إبراهيم الرصاص والموت ورماه الآخرون بالجنون.

البنية العميقة: التحليل عبر المستويات.
*المعجم والحقول الدالة والمرجعية والعلاقات
وتأسيسا على هذه القراءة الأفقية يجوز توزيع مؤشرات المعجم الشعري إلى حقلين دالين
:
الحياة: يفيض ماؤها- تبرعم الغصون في الخريف- يحول الغدير سيره- ينعقد الثمر- يطلع النبات في الحجر- أن أعيش من جديد- لاتمزق العقبان قوافل الضحايا-يأكل الفقير خبز يومه بعرق الجبين- يعود يولسيس-يبصر الطريق

-.....
 

الموت:أنشر الجبين على سارية الضياء من جديد- دمه- أن أموت من جديد- دمعة الذليل- العدو- مدافع الردى- الرصاص-لم يسمع الصدى- ظل سائرا

-....
 

وانطلاقا من هذا التصنيف للحقلين الدالين تبدو الخلفية الكامنة وراء تشكيل الرؤيا. أبرزها الخلفية الدينية متمثلة في إبراهيم والمسيح وربما موسى باستحضار علاقته بابنتي شعيب لحظة السقيا والفلسفة الوجودية باعتبارهذه الأخيرة تشكل المرجعية الفلسفية لمجلة شعر. إن إبراهيم شخصية تمثل الغربة والافتداء والموت الفردي من أجل الجماعة. وهي تمثل كذلك قيما ومواقف ورؤى تصب كلها في رفض الزمان والمكان والثقافة والمجتمع والتطلع إلى بديل آخر. وبمعنى آخر تحمل تناقضا وجوديا بين ذاتها العازمة على اختيار أن تعيش تجربتها متميزة وبين المجتمع الذي يحاول أن يخضع هذه الذات الشاعرة لقيمه. إن ما يميز الألفاظ هو قربها من الحياة اليومية كرغبة من الشاعرفي زج القصيدة في ما يمكن أن نسميه 'اللغة اليومية'. وهذا وعيٌ سيتطور عند الخال حتى يصل في أواخر أيامه الى اطلاق دعوته الشهيرة باستخدام اللغة المحكية في الكتابة الشعرية باعتبارها لغة الحياة والناس، فيما الفصحى لغة متعالية، إن لم نقل لغة ميتة تتمدد، باسترخاء الجثة، في قبرها التاريخي.

*التركيب البلاغي: الصور الشعرية:وتعد الصور الشعرية أحد المرتكزات الأساسية التي تقوم عليها قصيدة الرؤيا.لقد وجد يوسف الخال فيها متنفساً هاربا من سلطة اللغة عبر الانزياحات اللغوية، والرمز والأسطورة باعتبارالأخيرة طفولة العقل البشري. إنها تمثل للشاعر من جهة إحدى أدوات امتلاك اللغة ومن جهة ثانية تهدف الى الكشف عن الرؤيا الشعرية وهي من جهة ثالثة أداة تعبير عن هذه الرؤيا بلغة تقترب من حيث قاموسها ـ على الأقل ـ من اللغة اليومية،وتأسيسا على هذا أصبحت الوظائف الممكنة للصورة الشعرية تغريبية وبنيوية :"يحول الغدير سيره كأن تبرعم الغصون في الخريف"،.فإذا كانت الوظيفة البنيوية للصورة الشعرية تتمثل في المشاركة الفعلية في بناء القصيدة بناء عضوياً اعتمادا على الرمز والأسطورة فإن التغريب يؤوب إلى المفارقات ا لبعيدة بين مكونات الصورة التي يمنحها التأويل انسجامها’ ولننظر إلى قول الشاعر في جمعه بين المتنافر"أتضحك المعامل الدخان؟". فمن الدلالات السياقية للدخان السوداوية والمعاناة والمحمول الفعلي تضحك يدل وفق المألوف على الانتشاء غير أن الانسجام يتحقق بجعل الضحك يحمل دلالة السخرية.... ورغم كثرة الصور وتراكمها في القصيدة فإننا يمكن أن نكثفتها في دلالتي النبوة والتضحية :فالذات الشاعرة تحضر كنبي وضحية في نفس الآن: تستشرف المستقبل وتبشر به إلا أن المجتمع يقف ضدها ويضطهدها كما اضطهد الأنبياء ؟. وعندما فشلت الذات/ النبي في تحقيق المشروع تنعزل وتنطوي على ذاتها بتخطي الواقع والمجتمع مستبدلة هذا الواقع والمجتمع بالرؤيا الميتافيزيقية. و من سمات هذه الرؤيا الرفض والغربة والنفي والوحدة والحرمان والرفض والاضطهاد. وما هذه السمات إلا مظهرا من مظاهر الخلفية الفلسفية الوجودية ناهيك عن قرار الاختيار. اختارت ما تؤمن به وعادت إلى ذاتها. إن إبراهيم لم يستجب لنداء الجماعة ولم يفضل ما فضله رفاقه من العودة إلى الوراء باعتبار أن مصدر معرفته اليقينية ذاته ووجب عليه أن يعيش هذه المعرفة كتجربة حياتية فيختار طريق الجنون من منظور الآخرين. لقد رسم إبراهيم لنفسه مسارا حياتيا ووقع فريسة الاغتراب الناتج عن انعدام التواصل مع الآخرين وهذا يدل على الانفصال والتعارض. ولم يقتصر التعارض بين الذات والآخر بل تجاوز ذلك إلى التعارض بين حضارة الصحراء المرفوضة وحضارة الماء المأمولة. حضارة الصحراء يجسدها الزمن الراهن وحضارة الماء يمثلها الماضي الذي ينبغي أن يبعث من جديد. فإبراهيم هو الوحيد الذي اعتبر بئرا يفيض ماؤها في أرض قاحلة. وإذا كان الماء يشكل العنصر الملازم للبحر فإن الماء ينذر في الصحراء وهذا الكشف الشعري ليس كله تخييلا مطلقا بل ينبني على مرجعية إيديولوجية تكمن في المشروع القومي الاجتماعي السياسي فالبحر ليس رمزا للحياة باستحضار أن الماء مصدر حياة كل شيء كما أن الصحراء ليست رمزا للموت لأن الماء ينذر فيها وإنما هما رمزان لحضارتين متعارضتين حضارة العرب وحضارة الغرب المتوسطية. إن الشرخ الهائل بين الذات والعناصر المؤتثة للفضاء الشعري من جماد وإنسان ترسم قسماتها قصيدة البئر المهجورة مستعيرة الرمز والأسطورة: إبراهيمالمسيح- عوليس- أوديب-الخروف-. إن وجود البئر في الصحراء كبشير خير وبركة يقوي التداخل العميق بين النص المقدس(المتن الديني) وبين القصيدة تداخلا تذوب داخله تفاصيل أحداث المحكي الأصلي. يستوقفنا هنا التقابل بين إبراهيم النبي/خليل الله وإبراهيم المضحي/خليل الشاعر. المسيح المصلوب وإبراهيم المصلوب على سارية الضياء رغبة في تحقيق العدل وتحقيق التطهير. وتتحكم في بنية القصيدة وجدلية العلاقات حركتان: الأولى تتجسد في صورة إبراهيم قبل التضحية والثانية بعد التضحية وما نتج عنها من تحولات في الرؤى والمواقف من لامبالاة إلى اندهاش. فالحركة الأولى تأسست على أساليب الرجاء(ممكن التحقق ) والتمني (استحالة التحقق). لقد تواترت العبارة" لوكان لي" خمس مرات تارة تتعلق بالتضحية وتارة بالافتداء وهذه الحركة تؤسس للرغبة في الفعل(الإرادة) وتخمن ما يترتب عن الفعل المأمول. وبما أن الفعل يعبر عن نكران الذات باعتبارها صارت قيمة مفقودة كما يعبر ممارسة التطهير عبر التضحية فإن الآمال في التغيير والتحول تمس الطبيعة الصائتة والصامتة وتمس الحضارة والإنسان. لقد تحول المعجز من إطار الغيب إلى الإطار الإنساني من تضحية إبراهيم بابنه استجابة لأمر الله إلى تضحية إبراهيم بنفسه لمحو الظلم ونشر العدل والمحبة والسعادة. وفي إطار المتن الديني دائما تماهت الشخصية المركزية من جديد مع المسيح تعبيرا عن الخلاص ومحو الخطايا
واقترن المسيح في هذا التشكيل باستحضار عوليس(يولسيس) البطل الميثولوجي الذي يعاني عذاباً شديداً على المستوى النفسي والجسدي والذهني ويجتاز المهالك، منذ مستهل رحلته حتى يحقق هدفه النهائي، ويؤوب منتصراً إلى المكان الذي انطلق منه. أما الجركة الثانية فانتقال من القول إلى الفعل وتأكيد حضور الذات لحظة المواجهة والتصدي والاستشهاد ونكوص وتراجع الآخرين. ومع ذلك لم يعرف تقديرا من قومه. وانطلاقا من هنا يبدو البناء العضوي للقصيدة الذي ساهمت في تماسكه الكثير من العناصر. من بينها الأساليب الموظفة والضمائر والإيقاع الخارجي والداخلي.
التركيب النحوي والتداولي:فعلى مستوى الأساليب نجدها تتأرجح بين الخبري الابتدائي والإنشائي الذي تجسد في مجموعة من الصيغ كالاستفهام الذي غابت فيه القوة الإنجازية الحرفية التي يتم تقديرها بالهمزة في السطر التاسع وحضرت فيه القوة الإنجازية الاستلزامية :الإثبات وإن كان يرتبط الإثبات بالبديل والتطلعات المتعلقة بنشر القيم الإنسانية النبيلة وثراء الحياة وخصبها يقول الشاعر: " ترى ، يحول الغدير سيره...ويطلع النبات في الحجر؟" أتبسط السماء وجهها فلا تمزق العقبان في الفلاة قوافل الضحايا؟........لا بدمعة الدليل؟" والتمني "لو كان لي أن أموت أن أعيش من جديد" فقد حافظ فيه الشاعر على معنى الاستحالة وإن كان يرتبط بالرغبة والإرادة في الفعل والأمر"تقهقروا، تقهقروا". الصادر عن آمر مجهول وكأنه الصوت الخفي الذي يسيطر على الآخرين ويشكل لديهم الثابت الذي لايمكن التمرد عليه باستثناء إبراهيم. ورافق هذا التنويع في الأسلوب تنويع في نوع الجمل الفعلية التي توزعت بين الحاضر والمستقبل من جهة وبين الماضي من جهة أخرى . وإذا كان الفعل الماضي يحدد زمن علاقة السارد بإبراهيم الغارقة في القدم ويبين كيفية المصير الذي آل إليه فإن المضارع يعلن عن التحول المأمول و يمثل الحلم والتبشير بالغد الأفضل. وبما أن ضمير المتكلم يحيل على إبراهيم وضمير الغائب يحيل على السارد فإن الخطاب الشعري استنادا للضميرين يحمل الوظيفة التعبيرية الانفعالية والوظيفة المرجعية إلا أنهما ليسا بالوظيفتين المهيمنتين بل الوظيفة المهيمنة للوظيفة الجمالية التي حققتها الصور الشعرية والإيقاع
الموسيقى الخارجية والداخلية:وعلى ذكر الإيقاع تبنى الشاعر الوحدات الوزنية للرجز كخلفية موسيقية إلا أنه خالف المعتاد والثابث في هذا الجانب بتقديم اشتغال جديد على هذا المعطى وفق تجربته. وللتوضيح نورد الأسطر الشعرية الأولىمفاعلن مستفعلن مفاعلن مفاعلاتنمفاعلن مستفعلن مفاعلن مفاعلن فعل مفاعلن مفاعلن مستفعلن مستفعلن مستفعلن فعل لقد اكتسبت القصيدة بنيتها الإيقاعية اعتمادا على تكرير الوحدات الوزنية(مستفعلن) و تكرير المقاطع وتدعيم هاذين بتكرير اللفظ (عرفت) والجملة( لوكان لي أن ) وترديد الأصوات مع مراعاة أحيانا الموقع مثل ترديد الراء في الأسطر الشعرية الأولى ( لاحظ أن الراء يحضر تقريبا في الكلمات الأولى للسطر الشعري )واستخدام التوازي(الاستفهام+الفعل+الفاعل...). وحتى لانطيل في هذا الجانب من الأفضل أن ننتقل إلى جانب يكاد يغفل في مقاربات هذا النوع من الخطابات.يتعلق هذا الجانب بعلامات الترقيم والبياض .إنهما يخدمان الموسيقى والتنظيم والدلالة والقراءة والدفقات الشعورية في علاقتها بالوقفات الثلاثة لقد أفضت بنا العملية الإحصائية إلى نتيجة مضمونها أن نسبة الأسطر الشعرية التي وظفت فيها الفاصلة مرتفعة إذ يلغت اربع وعشرين مرة مقارنة مع النقطة التي لم تتجاوز عشرة مرات. إن الفاصلة داخل النص تؤشر على أن البنية النظمية (التركيب النحوي) لم تكتمل بعد أو اكتملت غير أنها تشترك مع ما يعقبها في الحكم دلالة وتركيبا مما يرسخ الانسياب والاسترسال بين الأسطر الشعرية، كما تؤشر على التعارض بين مقتضيات العروض ومقتضيات التركيب والدلالة قائمة، وتلك صفه من صفات اللغة الشعرية إذ غالبا ما تتزامن الوقفة الوزنية مع البياض الدلالي أو الوقفة النظمية النسبية التي تؤشر عليها الفاصلة .وفي هذا المقام يحضر التقابل بين الوصل والفصل .أما النقطة والبياض فيحققان وظائف متنوعة: ففضلا عن الوظيفة المألوفة التأشير على تمام المعنى وإفادته هناك التأشير على نهاية المقاطع. ولا ننسى أن علامتي الاستفهام والتعجب تضافرتا مع النقطة لأداء هذه الوظائف المتعددة. ومن المفيد أيضا، أن نشير الى أن النقطة غالبا ما تسم الأسطر الشعرية بالاتساق ويقصد به هنا اتحاد الوقفات
إضافة إلى هذه المكونات هناك تداخل الخطابات ولعل الخطاب القصصي حاضر في القصيدة بشكل بارز.ويتجسد في البناء الدرامي باعتباره جسما متكاملا في حد ذاته ويتشكل من عناصر متناسقة كل منها يقوم بدوره في مرحلة معينة(المقدمة /العقدة/النهاية) الأمر الذي يتيح النمو والحركة باتجاه المصير والمآل. والسارد والبطل المأساوي والحوار الداخلي والحوار الخارجي والسرد والوصف
الخاتمة: الحكم النهائي نخلص من كل هذا إلى أن هذه القصيدة اغتنت بعوالم تخييلية بفعل محاورة النصوص الدينية والأسطورة والتراث الأدبي والقيام بالتفكيك مما مكن كذلك من تفجير الأسئلة الوجودية . وأصبح المنسي يأخذ حضوره وراهينته. هذا من جهة أما من جهة أخرى لاحظنا كيف جسد الشاعر من خلال هذه القصيدة تصوره الحداثي للشعر والانزياح به نحو فلسفة التجاوز والتخطي والتمرد على الجاهزية والثوابث في مختلف المستويات دون إحداث قطيعة معرفية مع الموروث الإنساني... 

هناك 4 تعليقات: