الجمعة، 16 أغسطس 2019

سباني بلحظٍ لا يُفارقُني طرفُ فباتَ زماني دون رؤياه لا يصفو شياطينَ شعري ٠٠٠٠ للقريضِ تَهيَّئي فمِن ذهبٍ أدعوكِ أن يُكتَبَ الحرفُ سأُبحرُ في وصفِ الَّتي كلَّما بدت ترى كلَّ نَظَّامٍ يُري عجزَه الوصفُ إذا قُلتُ : حسناءٌ أرى اللفظَ قاصراً و لو ساقَ عَشراً مِن أقاربِه العطفُ إلامَ سيبقى بيننا البعدُ ٠٠ حائلاً فواللهِ هذا العَسفُ ما بعده عَسفُ و حتَّامَ يبقى ٠٠ دون نِصفٍ مُتيَّمٌ ؟ و هل كائنٌ يحيا و ينقصُه النصفُ ؟ ستَبقَين في قلبي على القربِ و النَّوى و لن ترحلي حتَّى ٠٠٠٠ يُغيِّبَني حتفُ إذا فارقَ البدرُ المضيءُ دُجُنَّتي فإنَّ يراعي ٠٠٠ لن يُفارقَه النزفُ سأُبقي القوافي تعقِدُ الوصلَ بيننا و صِنفٌ مِن التشبيبِ يتبعُه صِنفُ لعلَّ جِنانَ الخُلدِ ٠٠٠٠٠تجمعُنمعاًكما يجمعُ العُشَّاقَ يومَ المُنى زَفُّق

الأربعاء، 17 أبريل 2019

الشيب تاج


ْْْْْْ ْْ ْ الشيَّبُ تاجٌ ْ ْ ْ
فوقَ العوارِضِ أبيضٌ وضَّاءُ
يرعى الوقارَ لِترتوي العلياءُ
صانَ الحياةَ كريمةً وتنوَّرت
كلُّ العُيونِ وسادها الجلاَّءُ
رام الفضيلةَلا يرى في غيرها
أبدا ولا غابت له شيماءُ
نعم المَشيبُ إذا تصفَّى صدرُه
وتباعدت عن دربه العتماءُ
ذاك المُنيرُ بغيره لن نقتدي
نسعى إليه ولو تجنَّى الدَّاءُ
أمَّا إذا غاضَ القُلوبَ وخانها
لا نبتغي من سرَّه الإعياءُ
حتى ولو مُتدمِّعٌ في عينه
باعَ الأمينَ وصادَه الإغواءُ
كم ما دعا مُتلوِّنا ومُبهرجا
فيه الدَّهاءُ وطرحُه إغراءُ
الشَّيبُ تاجٌ إن حملتَ شِعارَه
تبقى المُهابَ وترحلُ البلهاءُ
دعهُ جمالا إن أردت وفاءهُ
تشدو الهناءَ وتنتشي الزّهراءُ
يا حاملين بياضَهُ هاتوا لنا
نُصحا حكيما ما به إقواءُ

الثلاثاء، 3 مارس 2015

مسرحية الكنز

الموضوع:الكنز        
          تأطير النص: أجمع الباحثون أ ن ميلاد المسرح العربي الحديث كان عام 1847 م على يد اللبناني مارون النقاش ومن أهم العوامل التي ساهمت في ظهوره عوامل اجتماعية وسياسية وأدبية وفنية ثم اللقاء بالغرب  . وهكذا عكف المسرحيون العرب منذ الربعالثاني من القرن العشرين على تطوير فن


 المسرح وإتقانه تأليفا وأداء والهدف من ذلك كتابة نصوص مسرحية ذات بناء درامي قابلا للقراءة والعرض وتتألف عناصر العمل المسرحي من الحدث –الشخصية-الصراع-الحوار-أما البناء المسرحي فهو الذي يقوم على مبادئ محددة أطلق عليها النقاد والباحثون بالوحدات الثلاث وحدة الزمان ووحدة المكان ووحدة الموضوع ومن أهم أنواع المسرح النثري المسرح الذهني والتعبيري ومسرح العبث ثم المسرح التسجيلي الوثائقي ومن أهم المؤلفين للنص المسرحي  عبدا لكريم برشيد ومحمود تيمور ومراد السباعي ثم توفيق الحكيم تنوع إنتاجه المسرحي بين ما هو ذهني وما هو اجتماعي  ومن مؤلفاته سليمان الحكيم أهل الكهف ثم مسرحيته الكنز المقتطفة من مؤسسات عبدا لكريم بن عبدا لله ص321 بتصرف وهو عنوان يحيلنا إلى معنين الأول مادي أي ما يدل على مال أو ذهب والمعنى الثاني معنوي كل ما يتصف به الإنسان من قيم وصفات وانطلاقا من هذه المشيرات فان فرضية النص تجسد بعدا رمزيا يتمثل في ذرية وهو عبارة عن رسالة اجتماعية تعكس واقع المجتمعات العربية حيث يندرج ضمن المسرح الاجتماعي ....فما موضوع المسرحية؟ وما الوسائل  التي توسل بها الكاتب لتشخيصه؟ وما مقصد يته من ذلك؟ 
      مهارة الفهم  :ينقسم النص إلى أربع مشاهد المشهد الأول :تقدم الخطيب لخطبة  ذرية من الأب وإلام رغم رفض ذرية وإصرار الوالد باعتباره للخطيب كنزا بفعل غنى هذا الأخير المشد الثاني :دخول الساحر كعامل جديد في المسرحية مع الاحتفاظ بالشخصيات الأساسية في المشهد المشهد الثالث: شرح الساحر للشخصيات الثلاث الأب والام ثم الخطيب بوجود كنز في البيت والتعريف بنفسه ليظهر مراد ذكاء خارقا لاستعماله للحيلة هدفه في ذلك انفراده بذرية  المشهد الرابع:كشف مراد وذرية عن الكنز الحقيقي الذي هو بملك محمود –الأب-وعدم تفهم هذا الأخير مضمون ما قام به مراد عكس إلام التي اختتمت المشهد باستخلاص العبرة التي أراد من خلالها الكاتب تسريب فكرته للمتفرج أو القارئ ، على العموم ا ن المسرحية تدور حول صاحب البيت محمود وزوجته وخطيب ابنتهما ذرية ،وهو من الأثرياء،جاء لزيارتهم ويجلس إلى الخطيبة ،بينما هي ترفض الارتباط
القراءة التحليلية:القوى الفاعلة:تعتبر الشخصيات قوى فاعلة في كل نص مسرحي فالشخصيات هي التي من خلالها نصل إلى مضمون النص ،وكل شخصية تختلف عن الأخرى حسب المهام المنوطة لها .  الأب :يمثل الجشع والطمع وإرادته في امتلاك كل شيء –إلام:تمثل الصبر المتفهمة لظروف ابنتها           -الخطيب:الغني الذي يتدخل في كل شيء يمثل الحسد والغيرة –مراد أ و الساحر:الإنسان النموذجي صاحب الحيلة والذكاء والمتشبث بحبه لذرية –الخادم:شخصية ثانوية وهو رسول الإحداث –ذرية:وهي عامل الموضوع والشخصية الرئيسية تمثل الفتاة الناضجة .
    فالبنية العاملية في هذا النص تميزت بالتنامي والتطور وذلك من خلال تباين الرغبات والتي تتجسد في العامل المساعد أي الخطيب والأب والعامل المعارض الفتاة ومراد من هنا نشأ صراع درامي بين الشخصيات وخاصة بين الخطيب ومراد إلى إن ظهرت مرحلة أخرى تزول فيها العقدة وهي مرحلة تفسخ البنية الحل حيث استسلم الخطيب للامر الواقع  
القيم والأنساق الفكرية:من خلال الشخصيات الموظفة في هذا النص نجدها تحمل قيما تعبر عن واقع المجتمع بكل ايجابياته وسلبياته وما تحمله من رموز ودلالات  ينتقدها الكاتب بتوظيف شخصيات إنسانية ذات ادوار محددة وسلوكات وعلاقات وموضوعات وكل هذه العلامات ينبثق مظهر للحياة اليومية
الصراع الدرامي:إن مظاهر الصراع الاجتماعي والنفسي  بين مختلف القوى الفاعلة أثرت سلبا على الخطيب الأول بعد ظهور مراد وانتصاره عليه بفضل الإيمان والصدق والكرامة وهي ميزة الإنسان الشريف ويعتبر بمثابة الكنز الأكبر وهذا ما أراد الكاتب توضيحه وإبرازه من خلال الدور الوظيفي الذي جسدته مختلف البنيات العاملية ،منذ ظهورها إلى تفسخها ،هو إضاءة نمطين من النماذج العاملية ومن القيم والأنساق الفكرية أي إقناع المتلقي بانتصار الفضيلة على الرذيلة .
الحوار:اتسم حوار القوىالفاعلة بسمات متنوعة تراوحت بين الجدي –الأب- والساخر –الخطيب- والهزلي –مراد- والمتسلط –الخطيب-  وقد قام مراد بأعمال وتصرفات لائقة لإخراج الفتاة من مشاكل كانت ستتسبب في تعاستها.  
    تفاعل الزمان والمكان:جرت الأحداث في لحظة زمنية محددة هي زمن الخطبة ويتضح ذلك في كل قوة فاعلة كما هو الشأن شخصية محمود والخطيب يمثلان الزمن الواقعي واقع الحياة الاجتماعية أخذ وعطاء ثم شخصية ذرية ومرا د يمثلان الزمن النفسي روح الكرامة وحب الآخر وهكذا ا ن التفاعل بين الزمان والمكان في هذه المسرحية قد ولد صورة متناقضةللقوى الفاعلة خاصة بين الأب والام ويتجسد لنا ذلك في طهارة الأم من الدخائس والحيل مقابل طمع الاب في الكنز وحبه للمصلحة الخاصة عوض العامة  
  الخطاطة السردية:وضعية البداية : مشهد يمثل صاحب البيت محمود وزوجته ،الخطيب وهو الرجل الغني ،ذرية الفتاة الواعية ،الساحر شخصية مرا د في هذه الوضعية لحظة الشروع في زمن الخطبة 
             العنصر المخل : هو ظهور الساحر مراد الذي أتى ليبين شخصيته كعنصر مثقف له دراية بالحب والصدق  وضعية الوسط :وهي الفتاة ذرية الواعية التي اختارت فارس أحلامها   
      عنصر الانفراج: وهو الاب الذي يريد أن يشاهد ابنته سعيدة وموفقة في حياتها
      وضعية النهاية: إنها نهاية سعيدة تعيد التوازن من جديد بالنسبة للشخصية الرئيسية ذرية                      فالبعد الوظيفي لوضعية البداية هنا  هو استهلال ثابت يؤثث الفضاء أو الديكور بوصف يقدم قبل ولوج الحدث الرئيس   ووظيفته كذلك إقناع القارئ لقبول عالم القص السردي وذلك عن طريق الإيهام الواقعي اما وظيفة النهاية تتحدد في إضاءة الوضع المزري لنوع من النماذج الاجتماعية بهدف انتقاده والاحتجاج عليه اما العلاقة بين البداية والنهاية فهي علاقة تعارض  الابتداء بخلل والانتهاء بتوازن . 
      الإرشادات :تأثث فضاء المسرحية بمجموعة من الإرشادات مثل المخرج وصف مشهد للممثلين جالسين  في قاعة شاي داخل البيت كما رسمت المعالم الكبرى للشخصيات –الممثلين-الاب –الأم- الخطيب – مراد ثم ذرية وقدمت الهيات والسلوكات والحركات على نحو ما تؤكده هذه الاستشهادات :للخطيب وهو ينهض-يفحصه بنظر-يخرج بسرعة-يتلفت-يرفع رأسه- فاهمية هذه الإرشادات بالنسبة لقارئ النص المسرحي تساعده على ا إيقاظ مقدرته على القياس وتا مل الواقع الذي تعالجه المسرحية ويحمله على أخذ موقف عقلاني من القضايا التي يواجهها في النص وخارجه لما بينهما من واقع فكري .   
التركيب والتقويم : هكذا يكون هذا  النص المسرحي قد استهدف الدفاع عن المسرح ودوره التوجيهي والتثقيفي والفني مجسدا أبعادا وقيما انتقاديه بطريقة جدية ،ومن ثم فان للنص قيمة تربوية تعليمية تبين أن الفن لا يقدم فرجة ،بل يقدم فائدة كذلك كما أن له قيمة جمالية ،لأنه وظف آليات الخطاب المسرحي بما تتطلبه من وضعيات حوارية وسياق درامي وصراع وإرشادات مسرحية.





الأربعاء، 25 فبراير 2015


أَثْمرَ الانفتاحُ على الثَّقافةِ الغربيَّةِ وانتشارُ الصِّحافةِ والتَّرجمةُ عن الآدابِ الغربيَّة جملةً من الفُنونِ الَّتِي لم يكنْ للعربِ سابِقُ عهْدٍ بِهَا ولعلَّ أهمَّهَا المسرحيَّةُ، التي تُعدُّ فنًّا نثريّاً وافدا ومستَحدثا في أدبنا . إذ تقومُ على عناصرَ أهمُّها : الحدثُ ، والشَّخصيَّاتُ ، والفِكرةُ ، والزَّمان ، والمكانُ ، والحبكة ، وتَتَمَيَّز عن فنون السردِ الأخرى بخاصّية الصِّراعِ الدّْرامِيِّ والإرشاداتِ المسرحيَّة والحِوارِ . وقدْ بَرَزَ مَجْموعةٌ من الرُّوادِ في هذا الفَنِّ الْمُسْتَحْدَثِ أَثْرَوْا المكتبةَ الأدبيَّةَ بِمجموعةٍ من الإِبداعاتِ والتَّأْليفاتِ ، من بيْنِهم : مارُون النَّقَّاش ، ويعقوب صنُّوع ، وتوفيق الحكيم ،وعلي أحمد باكثير . وبِموازاةِ الكتابةِ والتَّأليفِ الإبداعيِّ عمِل النُّقَّادُ على التَّنظيرِ لهذا الفَنِّ الجديدِ مُبْرِزِينَ خَصَائِصَهُ ومُعَرِّفِينَ بهِ ، وساعينَ في الوقت نفسه إلى تقريبه من الجماهير ، ولعلَّ أبرزَهم عبد الله النَّديم والعقَّاد وتوفيق الحكيم وفرْحان بلبل الذي يعدُّ منْ أقطاب مرحلةِ النُّضجِ في النَّقدِ المسرحيِّ العَربِيِّ، وُلِدَ بسوريا ، لهُ عدَّةُ مؤَلَّفاتٍ منها : "المسرحُ العربيُّ في مواجهة الحياةِ". فما القَضِيَّةُ التي يطرحُها الكاتِبُ ؟ ومَا طرائقُ عرْضِها ؟
إنَّ المتأمِّلَ لعنوان النَّصِّ يجد أنَّهُ جاء جملةً اسميَّةً مكوَّنةً من مبتدأ معرَّفٍ بالإضافةِ " سماتُ النِّصِّ " ونعتٍ "المسرحيُّ" يُحَدِّدُ نوعيَّةَ النَّصِّ وجِنْسَه ، ودلاليا يُقْصَدُ بالسِّماتِ الخصائصُ والمميِّزاتُ التي تُميِّزُ شيْئاً عنْ آخرَ، أمَّا النّصُّ المسرحيُّ فهو ذلكَ التَّأليفُ الذي يَخْضعُ لضوابطَ معروفةٍ ويقُومُ على قواعدَ محدَّدَةٍ تَجْعله مُختلفاً عن فُنون الأَدَبِ الأخرى من قصّةٍ وروايةٍ وشِعْر ، ونفهمُ من العنوانِ أنَّ النّصَّ سيأخذُ على عاتِقِه مَهَمَّةَ تسليطِ الضَّوْءِ على خَصائِصِ النّصِّ المسرحيِّ. فإلى أي حد يعكس العنوان مضمون النص ؟
واتكاء على دلالة العُنوان، واعتماداً علَى بعضِ الْمُشيراتِ النَّصِّيَّةِ الأخرَى من قبيلِ " أوَّلُ سماتِ النّصّ المسرحِيّ ، ثالث سمات النّصّ المسرحيّ ، أخصَّ خصائص التأليفِ والعرضِ..." نفترضُ أنَّ النّصَّ قيدَ الدِّراسةِ ، مقـالةٌ أدبيَّةٌ يُعالِجُ فيها الكاتبُ خصائصَ النّصّ المسرحِيِّ. فإلـى أيِّ حدِّ تصحُّ هذه الفرضيَّـةُ ؟ وما الْمَقصدِيَّةُ التـي رامَ الكاتبُ إِيصالَها ؟

وفيما يَخُصُّ القضيَّةَ الرَّئيسيَّةَ فتتمثَّلُ في " إبرازِ خَصائصِ النَّصِّ المسرحِيِّ "، حيث أبرزُ الكاتبُ في نصِّهِ أعلاهُ السِّماتِ التي تُميِّز النّصَّ المسرحِيَّ وتَجعلُه ذا خصوصيَّةٍ وفرادَةٍ وهي على التَّوالِي : المعايشَةُ ، ويقصِدُ بهَا تعبيرَ المسرحِ عن مشاكلِ العصْرِ ، والآنيةُ وهي أنْ يعبِّرَ الكاتبُ عن وقائِعِ الحاضِرِ التي تَمسُّ القارئَ مباشرةً ، وثالثُ هذه السماتِ الدَّيْمومةُ، ويُشيرُ الكاتبُ بعضَ ذلك إلَى سِمَةِ أخْرَى هي الهدفُ الأعلَى مُعْتَبِراً إيَّاها من خصائصِ التَّأليفِ والعرْضِ ، ويرَى أنَّ هاتِهِ السِّماتِ تُشَكِّلُ آفةَ النّصِّ المسرحِيِّ وميزته.
وتتفرَّعُ هذه القضيَّةُ إلى قضايَا ذاتِ ارتباطٍ بِهَا تنطلقُ منها وتعودُ إليْها وتكشِفُ عنها، ونبرزها فيما يلي :
قواعدُ التَّأليفِ المسرحِيِّ : تطرَّقَ الكاتبُ إلى هذه القضيَّةِ في معرِض حديثهِ عن القواعد المميِّزةِ للتَّأليفِ المسرحيِّ التي تُعدُّ راسخةً في جميع المذاهبِ المسرحيَّةِ ، وحصَرها في ثلاثٍ : " الصِّراع ، تصاعُدُ الحكاية درامياً ، دقَّة بناء الشَّخصيَّات"؛
التَّجريبُ المسرحيُّ : ومعناهُ أنَّ الكاتبَ يسعَى على الدَّوامِ إلى معايَشة القضايا والمشاكلِ ، وهو ما يَجعلُه دائِم التَّجريبِ ، كثيرَ التَّجديدِ في المواضيعِ والأساليبِ ؛
علاقةُ المسرحِ بباقي الفنونِ : أشارَ الكاتبُ إلى أنَّ المسرحَ يدخُلُ في علاقاتٍ معَ الفنون الأخرى من شعرٍ وفنٍّ تشكيليٍّ وموسيقَى يستلهِمُ منها ويوحِي إليها ، أي إنَّ العلاقةَ بيْن المسرحِ وباقي الفنونِ قائمةٌ على التأثُّر والتَّأثيرِ؛
علاقةُ المسرحِ بالواقِعِ : يقومُ المسرحُ بعكْسِ الواقِعِ لِذَا فهو يُعَدُّ مرآةً لهُ؛
اَلْمَقْصِديَّةُ في المسرحِ : وهي الغايةُ التي يسعى إليها المسرَحُ ، وتتمثَّلُ في التَّعبيرِ عنِ واقعِ الإِنسانِ ورصْدِ انشغالاتِه.
وقدْ أسهمتْ هذه القضايا الفرعيَّةُ في إضاءَةِ القضيَّةِ الأساسيَّةِ وتسليطِ الضَّوءِ على سِماتِ النّصِّ المسرحيِّ نظراً لِمَا أدَّتهُ من دورٍ في التَّفسيرِ والتَّوضيحِ وتقليب القضيّة الرئيسيّة على أوجُهِهَا.

وفيما يتعلَّقُ بطرائقِ العرْضِ وظَّفَ الكاتِبُ بادِئ الأَمرِ جملةً من الحُججِ مُمَثَّلةً في استشهادِه بمقُولةٍ لستانسلا فسكي : " الفكرةُ التي أمسكَ الكاتبُ القلمَ لإبرازها " ، إضافة إلى حججٍ منطقيّة في قوله : " ولأنَّ الكاتب مضطرٌّ أن يكون ضارياً في التصوير فإن المجتمع لا يكون إلا ضارياً في التغيير " ، وإلى جانبِ الحجج السَّابقة وظّف الكاتب بعضَ أساليبِ التَّفسيرِ كالتَّعريفِ حيثُ عرَّف المعايشة بقوله " هي الصِّفة الأولى للمسرح - تَعني أنّه فنّ يُطلب منه أن يتحدث عن مشاكل عصرنا..." ، وكذا تعريفُه المسرح بكونه " جماع الفنون " ، وإضافةً إلى التَّعريفِ وظَّف الوصف ، حيثُ وصَفَ سِمَةَ الآنيةِ بقولِهِ : " آفةُ فناء المسرح وجوهرته ودرته الثمينة " ، وقد أدّت أساليب التفسير دورا مهما في الشَّرح وتقريب الفكرة وتبسيطها ونشرها، ولم ينسَ الكاتبُ الاعتمادَ الكبيرَ علَى السَّردِ لمناقشةِ فكرتِه وتقييمِها على مختلف الجوانب ومن نماذِجِه : " إنّ الآنية هي التي تؤدِّي إلى سرعة التغيُّرات في سرعة الكتابة " ، ناهيك عنْ اعتمادِه على التَّشابُه حيثُ عرض للتَّشابه بين العرضِ المسرحيّ والنّصِّ المسرحيِّ في الهدفِ الأَعلى ، وبين المسرح والشّعر.
وإلى جانب ما سبق اعتمدَ الكاتبُ على الجملِ الطَّويلةِ التي وظَّفَها خصِّيصاً للإبانةِ والتَّوضيحِ ، ولا شكَّ أنَّ سائرَ أساليب التَّفسيرِ السَّابقةِ إنَّما وُضعت لشرحِ الفكرة وتِبْيانِ خَصائص النّصِّ المسرحيِّ، بحيثُ تبدو واضحةً لا يَشوبُها غموضٌ ، أضِفْ إلى ذلك رغبة الكاتب الخفيّة في إقناع المتلقّي بأهمّية فنّ المسرح.
ولكيْ يضمنَ الكاتبُ لِنَصِّه التَّناسُقَ والاتِّساقَ ولأفكارِه التَّرتيبَ، وَظَّف جُملةً من الرَّوابطِ اللَّفظيَّةِ سواءٌ بين الفقراتِ أو بيْنَ الجمل ، ومن ذلك " واو العطف ، لكن، وبذلك ، إن... " ، كما نجدُ ربْطاً معنويّاً بين الأفكار ، حيثُ يصعُب فكّ تلاحُمِها ، ومن هذه الروابط المعنوية " لكنّ هذه الآنية، والآنية نتركها ، وبذلك تكون الديمومة.."، فالملاحظُ أنَّ هناك إحالة على فكرةٍ سابقةٍ ، وانطلاقا مِمَّا سبق نستخلص أنّ النّصَّ مُحكَمُ البناءِ ُمرَتَّبُ الأفكار شديدُ التَّرابط دقيقُ الاتِّساقِ.
ولأنَّ الكاتبَ ركَّزَ اهتمامه على التَّعريف بسماتِ النّصِّ المسرحيِّ فقد اختارَ الأسلوبَ الاستقرائِيَّ منُتقلاً من الجُزءِ إلى الكلِّ ؛ ويظهرُ ذلك في ابتدائِه برصْدِ سمات النّصِّ المسرحيِّ وتعريفِها واحدة واحدةً ، ليعرّج بعد ذلك على مسألةِ التّجريب منتهياً إلى نتيجة مفادُها أنَّ المسرحَ جُماعُ الفنونِ ، وتَكمُنُ أهمّيةُ الأسلوبِ الاستقرائِيِّ في أنَّه يعرِضُ لتفاصيلِ الشَّيءِ الموصوفِ إلى أنْ يتَّضِحَ في الأذهان ليصلَ في نهاية المطاف إلى استخلاص النَّتيجةِ بشكلٍ سبَبِيّ.
حاولَ الكاتبُ في نصّه وضْعَ اليد على أهمّ الخصائصِ التي تُميِّزُ النّصَّ المسرحيَّ مفصّلاً القولَ في كلّ سمةٍ على حدة ، وقد رامَ من خلال نصّه الانتصارَ الضّمنِيَّ لفنِّ المسرح لاَفتاً انتباهَ القارئ ليهتَمَّ به ، وقدْ سخَّرَ لذلك مجموعةً من الأساليبِ والطَّرائِقِ كتوظيفِ لغةٍ مباشرةٍ واتِّكائِه على مرجعيّاتٍ مختلفةٍ ، واستخدامِ أساليبِ التَّفسيرِ المتنوّعة أضِفْ إلى ذلكَ الاعتمادَ على الأسلوبِ الاستقرائِي ومِمَّا سبقَ تَحليلُه وتفسيرُه وعرْضه ونشْرُه نصلُ إلى إثباتِ صحَّةِ الفرضيَّةِ المطروحة آنفا وانتماءِ النّصِّ إلى المقالةِ الأدبيَّةِ التَّفسيريَّة ، وفي اعتقادنا أنَّ الكاتبَ وُفِّقَ في تسليطِ الضَّوءِ على خصائصِ النَّصِّ المسرحيِّ والتَّعريفِ بِهَا بشكلٍ يجعلها قريبة من المتلقي العربيّ.

الجمعة، 16 يناير 2015

مميِّزاتُ القصَّةِ القصيرةِ واتِّجاهاتُها

ظهرتِ القصَّةُ القصيرةُ بمفهومها الحديثِ في الأدبِ العربيِّ منتصَف القرنِ 19م وازدهرَتْ إبَّانَ القَرن 20م ، وهيَ بذلكَ فنٌّ مُستحدثٌ ظهرَ نتيجةَ التَّلاقُح مع الثَّقافةِ الغربيَّة والتَّرجمةِ عنْ آدابِها و كَذَا انتشارِ الصِّحافة، ويتميَّزُ هذا الفنُّ بخصائصَ أهمُّها: وحدةُ الانطباع، والكثافَة الشِّعريَّة، ودقَّةُ التَّصميم، والاختزال. والقصَّة القصيرة في أبسط تَعاريفِها "فنٌّ دراميٌّ أداتُه اللُّغة، وأسلوبُه الحوارُ والسَّرد، قليلُ الكمِّ يُقْرَأُ في جَلْسة واحدةٍ، يتميَّز بوحدةِ الانطباعِ"، ويلتقط الومضة المشرقة وينقل اللّمحة الخاطفة ، ومن روَّاد هذا الفنِّ الجديد في أدبِنا نذكرُ: طه حسين، ويحيى حقِّي، وعبد الكريم غلاَّب، إضافةً إلى محمود تيْمور و زكريَّا تامر. وبعدَ أن نضجَ فنُّ القصَّة القصيرةِ واستَوَى على سُوقه وصار قابِلا للتَّناول والمقاربة النّقديّةِ، ظهرت دِراساتٌ نقديَّة ترُومُ التَّعريفَ به وإبرازَ خصائِصه وتجنيسَه ورصد تطوُّرِه، ومِن أبرزِ النُّقاد الذين نبَغوا في مجالِ النَّقد القصصيِّ نذكر: شكري عيَّاد، وصلاح فضل، ومحمد برادة، وسعيد يقطين ... ويعدُّ محمد عزّام من أبرز الذين عَرَّفُوا بفنِّ القصَّة واتِّجاهاتها الفنيَّة، له عدَّةُ مؤلَّفاتٍ نذكرُ منها " النَّقد والدّلالة " و" البطل الإشكاليُّ في الرِّواية العربيَّة المعاصرَة "، وقد اقْتُطِفَ النَّصُّ موضوعُ الدِّراسةِ من كتابه الموسومِ ب " اتِّجاهات القصَّة المعاصرة في المغرب ". فما القضيَّة التي يعالجها ؟ وما طرُق عرضِها ؟ وما المَقصديَّة التي رامَ إيصالها ؟
جاءَ عنوان النَّصِّ " مميِّزاتُ القصَّة القصيرةِ واتِّجاهاتُها" متَّسِماً بالطُّولِ ومُكوَّناً من جزْأَين يفصلُ بينهما واو العطف، ويُشكِّلان جملةً اسميَّةَ تُشكِّل مبتدأً خبرُه " متْنُ النَّصِّ "، ومن النَّاحية الدَّلالية يُقصَد بالمميِّزات الخصائصُ والسِّماتُ التي تميِّز شيئا ما عن غيره ، أمَّا القصَّة القصيرة فهيَ ذلك الجنسُ الأدبيُّ السَّرديُّ المعروفُ بقصَر حجمِه، ويُقصدُ بالاتِّجاهاتِ المدارسُ والتَّيَّاراتُ، ونَفهمُ من العُنوانِ أنَّهُ يُحيل على ما تتميَّزُ به القصَّةُ القصيرةُ من خصائصَ شكليةٍ ومضمونيَّةٍ ، وكذا ما تتفرَّعُ إليه منْ تيَّاراتٍ ومدارسَ. فإلَى أيِّ حدٍّ يعكسُ العنوانُ مضمُونَ النَّصِّ ؟
وانطلاقاً من عنوان النَّصِّ " مميزاتُ القصَّة القصيرة واتِّجاهاتها " وشكله الطّباعيّ، واتِّكاءً على جملةٍ منَ المُؤَشِّرات النَّصِّيَّة الدّالة مثل: " نشأة القصة، حاجة اجتماعية، التعبير الفنّيّ، شعور خاطف، لحظة من عمر الزَّمن، فنٌّ موجَزٌ وسريع، تختلف مناهج القصة القصيرة واتجاهاتها.. "، نفترض أنَّ النَّصَّ الذي بين أيدينا عبارةٌ عن مقالة أدبيّةٍ يروم من خلالها الكاتب التَّعريفَ بفنِّ القصَّةِ القصيرة وأهمِّ خصائصه الشَّكليةِ والمضمونيَّةِ وأبرزِ تيّاراتِه الفنيّة. فإِلى أيِّ حدٍّ تصحُّ هذه الفرضيّة ؟ وما الوسائلُ الفنّيّة الموظّفة من لدُنِ الكاتبُ ؟
عالج الكاتبُ قضيَّةً رئيسيَّةً تتمثَّلُ في "إبرازِ خصائص القصَّة القصيرة وتيَّاراتها"، وقد تفرَّعت عن هذه القضيَّةِ قضايا أخرى ذاتُ صلةٍ وطِيدة بها، نبيِّنُها فيما يلي :
- علاقةِ القِصَّة بمَقْصِدِيَّة مُبْدِعِها : عالج الكاتبُ هذه القضيَّة عندَ تطرُّقه إلَى مسألةِ الحاجَةِ الاِجتماعيَّةِ والحاجةِ الفنِّيَّةِ، ومعنَى ذلكَ أنَّ كاتِبَ القِصَّةِ القصيرَةِ يُعَبِّرُ عن المجتمع،كما يحرِصُ على تطوير الشّكل الفنّيّ؛
- المصطلحِ النَّقدِيِّ بالنسبَة للقصَّةِ القصيرةِ : أشَار الكاتبُ إلى هذه القضيَّةِ في مَعْرِضِ حديثِه عن صعوبة نقْدِ القصّةِ القصيرةِ بِخلافِ الشَّعر والرِّوايةِ، نظراً لعدم وُجُودِ مصطلحاتٍ نقديَّةٍ تُساعدُ على الحُكمِ عليْها، والسّبب في ذلك جِدَّتُها وحداثَةُ ظهورِها؛
- تلقِّي القصَّة القصيرةِ: أشار الكاتبُ إلى تلقِّي القصَّة القصيرة من خلالِ الحديثِ عن الوقت الزَّمنِيِّ الذي يصلُح لقراءَتِها ويكفِي لتلقّيها، كما أشار إلى أنَّ مُبْدِعَ القصَّة القصيرة يُراعي المتلقِّي الذي لا يَمْلِك الوقتَ الكافِيَ لقراءةِ فنِّ الرِّوايةِ؛
الوظيفةُ الاجتماعيَّةُ للقصَّةِ : تطرَّقَ الكاتبُ إلى كوْنِ القصَّةِ القصيرةِ تُعْنَى بِرصْد أمورِ المُجْتَمَعِ وقضاياهُ وهُمومِه، وتَسعَى إلى القضاءِ على أمْراضِهِ وأخطائِه؛
- التطوُّرِ الفَنِّيِّ : تطرَّقَ الكاتبُ إلى تطوُّر القصَّة القصيرة فنِّيّاً، حيثُ أصبحَ كتَّابُها يُعْنَوْنَ بالجانبِ الجمالِيِّ والشَّكْلَيِّ، إضافةً إلى عنايَتِهم بالجانِب المضمونِيِّ، كما تطرَّقَ إلى هذهِ القضيَّة عنْدَ حديثِه عنْ تطوُّر تيَّاراتِ القصَّة القصيرةِ.
←يتَّضحُ ممَّا سبقَ ذِكْرُه وتفصِيلُه أنَّ الكاتبَ استطاعَ بإثارَتِه لسائِرِ القضايا المنْبَثِقَةِ عن القضيَّةِ الرَّئيسيَّة تسليطَ الضَّوْءِ على نشأَةِ القصَّةِ القصيرةِ وتطوُّرِهَا فنِّيّاً، مِمَّا قرَّبَ الفكرةَ إلى ذهن المتلقي بعيداً عنِ الغُموضِ ودرءاً لكلِّ سوء فهمٍ أو عِوَجِ تأويلٍ.
وإذا انتقلنا ناحيةَ طرائقِ العرْض ألفَيْنا الكاتبَ ينوِّعُ في أساليبِ عرْضِ فكرَتِه، وهكَذَا وجدْناه يركِّزُ على أساليبِ التَّفْسيرِ؛ حيثُ وظَّفَ التَّعريفَ لبيانِ خصائِصِ الشّيْءِ المُعَرَّفِ وتوضيحِه في ذهنِ القارئِ، ويتمثَّلُ ذلك في تَعرِيفِه القصَّةَ من خلال قولِه : "هي شعورٌ خاطفٌ ولحظة من عمر الزمن – والقصة القصيرة فنٌّ دراميٌّ أداتُه اللُّغة، وأسلوبُه الحوار والسّرد... "، وإلى جانبِ التَّعريفِ نجدُ اعتمادَ الكاتب على الوَصْفِ كما في قوله : " فنٌّ دراميٌّ أداته اللغة – وهو فنَّانٌ شديد الفرديَّة.."، ونجدُ اهتمامَه الكبيرَ بالسَّرْدِ الذي يؤدِّي وظيفة تفسيريّة توضيحيَّةً إخباريةً، ومن أمثلته في النَّصِّ " والقصة القصيرة تعرفُنا بشيء نعرفُه مسبَقاً، ونعيده يوميّاً، وهي تعرضُه في شكلِ لقطةٍ أو جزئيَّة ما، أوفكرةٍ محددة "، ورابعُ أساليب التفسير الموظفةُ في النَّصِّ هو التَّشابُه حيثُ عرَضَ الكاتبُ للتَّداخُلِ والتَّشابُهِ بين فنَّيْ القصة القصيرة والشِّعر في "الكثافة الشعريَّة" و بين الرِّواية والقصَّة القصيرة في "التَّعبير عن الحياة الاِجتماعيَّة" والقيام عَلَى "السَّرد والحوار والوصف" ، وقد أدَّتْ الأسالِيبُ السَّابقةُ مجتمعةً دوراً في إيضاحِ فِكرةِ الكاتبِ وبيانِها تمهيداً لإقناعِ القارئِ بقدرةِ هذا الفنِّ الجديدِ على التَّعبيرِ عنِ المجتمعِ ومعالجةِ أمراضِه.
وفيما يخُصُّ السَّيرورة الحِجاجيَّةَ المعتمدة فقدِ اختارَ الكاتبُ الأسلوبَ الاستنباطِيَّ في بناء نصه، حيثُ انتقل منَ العامِّ إلى الخاصِّ ومن الكلِّ إلى الجزءِ؛ إذ بدأ النَّصَّ بالإشارة إلى نشأة القصّةِ القصيرةِ لينْتَقل بعدَ ذلك إلى رصْد خصائصها بِمُجْمًلِ تيَّاراتها ووظيفتِها، وإلى جانب الأسلوبِ الاستنباطيِّ اعتمدَ الكاتبُ أسلوبَ الجرْدِ أيْ تعريف الظَّاهرةِ" القصَّةُ القصيرةُ " من خلال جرْدِ مكوِّناتها، وهكذا وجدناه يعرِّفُ بالقصَّةِ القصيرةِ ويْجرُد مكوِّناتها من لغةٍ وأسلوبٍ وسردٍ وحوارٍ وكمٍّ ووظيفةٍ ودراما.
ويكمُن دوْر الأسلوب الاستنباطيِّ ومعهُ أسلوبُ الجرْدِ في التدرُّج في عرض الفكرة وتوضيحها عبْر التفسير والتفصيل، حتَّى تستحيلَ واضحةً في الذِّهنِ.
عمِل الكاتبُ في نصِّه على التَّعريفِ بالقصَّةِ القصيرةِ وظروفِ نشأتها، كما رصَدَ جملةً من خصائصها وتياراتِها دونَ أن ينسى الإِلْماعَ إلى وظيفتِها، وقدْ قصد من خلالِ نصِّه إلى بيانِ قدرةِ القصَّة القصيرة على نقْدِ المجتمعِ منتصِراً لهَا على حساب الرِّوايةِ، وقد استخدَم من أجل ذلك وسائلَ عدَّة تنوَّعت بيْنَ اللُّغةِ العلميَّةِ والجُمَلِ الطَّويلةِ وطرائقِ العرضِ المختلفةِ من تعريفٍ وسردٍ وتشابهٍ ، إضافةً إلى الرَّوابط التي أدَّت دورا في إحكام التَّرابط اللُّغويِّ والدَّلالِيِّ والعُضويِّ بين مكوِّناتِ المقالةِ ووظيفةً في تدرُّجِ الفكرةِ وبنائها ، أضفْ إلى ذلك تعدُّدَ الإطاراتِ المرجعيَّة وتنوُّعَ المفاهيم، كلُّ هذا ساعَدَ الكاتبَ في عرْضِ فكرتِه ومناقشَتِها، وبناءً على ما سبَقَ نَصِلُ إلى إثباتِ صحَّةِ الفَرضيَّةِ وانتماءِ النَّصِّ إلى جِنْسِ المقالةِ الأَدبيَّةِ التي يعالج فيها الكاتبُ خصائص القصَّة القصيرةِ. ونَعتقدُ أنَّ الكاتبَ قد وُفِّقَ في دفاعه عنْ فنِّ القصَّة القصيرة، لكنَّنا لا نتَّفقُ معه في كونِْ القصَّة القصيرة هي القادرة وحدَها على نقْدِ الواقِع، لِأَنَّ وظيفةً مثل هاتِه تحتاج إلى تضَافُر الفُنونِ كلِّها .فإِلَى أيِّ حدٍّ تمثَّلَ كتَّابُ القصَّةِ القصيرةِ خصائصَها إبَّانَ كتابتِها وإبداعِهَا ؟